تأملات في الماضي
المحكمة الجنائية الدولية تعتبر عقد جلسات الاستماع لنتنياهو أو بوتين في غيابهم ممكناً إنفانتينو يسلم ترمب جائزة فيفا للسلام قبل قرعة المونديال الاتحاد الأوروبي يفرض غرامة 120 مليون يورو على «إكس» لمخالفته قانون الخدمات الرقمية حماس تتهم الإحتلال الإسرائيلي بقتل ثلاثة أسرى وتطالب بتحرك دولي عاجل لكشف مصير المختفين ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات داخل السجون إرتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 70ألفاً و125 شهيداً أغلبيتهم من الأطفال والنساء منذ بدء عدوان الاحتلال الإسرائيلي في السابع من أكتوبر 2023 رئيس الاتحاد الكويتي للإنتاج الفني يُعلن أن صحة حياة الفهد غير مستقرة إسرائيل تقتل مئات التماسيح في مزرعة بالأغوار خشية استخدامها في هجوم تخريبي وسائل إعلام إسرائيلية تؤكد مقتل ياسر أبو شباب في رفح السلطات اليونانية تعلن حالة تأهب قصوى مع منخفض بايرون وتسع مناطق بما فيها أثينا تتابع الوضع ضربة إسرائيلية بطائرة مسيرة واشتباكات واسعة في ريف دمشق تتسبب في قتلى وجرحى وتصعيد ميداني
أخر الأخبار

تأملات في الماضي

تأملات في الماضي

 السعودية اليوم -

تأملات في الماضي

بقلم - جميل مطر

غريب أمرى ولعله أمر عادى ومألوف لدى بعض الكتاب. بينما كنت أقرأ للزميلة ليلى الراعى فى الأهرام بتاريخ 3 سبتمبر تأملاتها فى الذكريات وجدت نفسى مدفوعا بقوة قاهرة للقيام فورا برحلة أخرى من رحلاتى الممتعة فى مواقع وأحداث سنوات طفولتى ومراهقتى وما بينهما. ما هى هذه القوة القاهرة؟ أهى مجرد الحنين للماضى؟ ولكن لماذا كل هذه الرغبة الدافقة فى إيقاظ سرديات، رغبة تتجدد مع كل فرصة تتاح لنا. أهى ضغط الحاضر ثقيل الظل؟ حاضر نريد الهروب منه ولكن ليس إلى الأمام فالمستقبل بالنسبة للكثيرين ولكبار السن غالبا ما يأخذ صفات المغارة الشهيرة فى كتابات الأولين، يدخلها المغامرون ولا يخرجون. أسلم لنا وأقل جهدا الهروب من هذا الحاضر اللئيم إلى الماضى. مع الماضى نحن أحرار فى اختيار الأجمل والأكثر متعة والأقوى مفعولا. أراه، وأقصد مفعول ممارسة الحنين إلى الماضى، كمفعول المخدر. يدخل إلى عروقنا ومنها إلى قلوبنا دخول البرد والسلام ثم يحملنا فى رحلة نزور فيها أحلى الناس والمواقع التى قضينا فيها ومعهم أسعد أوقاتنا. أذكر من المواقع والأوقات السعيدة مثلا ودائما عشة الفراخ فى سطح بيتنا الكبير والقديم فى الجمالية.
●●●
أشكرك يا ليلى فقد أثرت بتأملاتك شجونا. كان قد هيمن على تفكيرى الظن بأن الكتابة للناس عن ماض يخصنى وحدى أمر يجب أن يخصنى وحدى فلا أطلع عليه الناس. تمردت مرارا على هذا الظن فلا يمر وقت أخاله طال إلا وعدت أتأمل فى الماضى أمامهم وفى حضورهم. تدفعنى للتمرد على هذا الظن عوامل كثيرة ليس أقلها شأنا ثقتى الكاملة فى حقيقة أن داخل عقل كل فرد من هؤلاء الناس بذرة تمرد وفى قلب كل منهم نقص عاطفى ولدى كل منهم رغبة لن يشبعها الحاضر، إنما يشبعها ويفيض التأملات فى الماضى، ففى هذا الماضى توفرت كل عناصر وحاجات إشباعها.
الصدر الحنون متوفر هناك. أقصد فى بحر التأملات. متوفرة أيضا رحلة الفجر فوق عربة كارو يجرها حمار. تحمل صندوقا من خشب مشغول لا ينزل من الصندرة إلا كل عيد. داخل هذا الصندوق وكنت شاهدا مهذبا خلال حشوه بأنواع شتى من المخبوزات والبلح الإبريمى والجوافة إن كان موسمها يتناسب وهذا العيد وفواكه أخرى. المخبوزات فى الصندوق أشكال وأنواع لم أرها فى مكان ووقت آخر بقية العام منها فطير القرافة المعجون بالسمن البلدى والشليك أو الشريك وربما لو بحثنا فى أوراق الحملة الفرنسية لعثرنا على أصله واكتشفنا أن له صلة بالكرواسان والباجيت فخر خبازى فرنسا عبر التاريخ. تجلس فوق الصندوق أصغر المشتغلات بالخدمة ومن أهم مهامها فى هذه الرحلة تأمين هدوئى وكبح شقاوتى وفرض التزامى مكانى فوق الصندوق فى وسط العربة وأبعد ما يمكن عن العربجى وحماره. حول الصندوق وحولى تتكدس سيدات وفتيات أغلبهن يشتغلن فى بيت جدتى وبيوت بناتها، أمى وخالاتى، بعضهن لا أراه إلا فى وقفة كل عيد وفوق هذه العربة. منهن من اشتغلت صغيرة فى العائلة قبل أن تحيل نفسها للتقاعد فى الأوقات العادية وتعود للظهور فقط فى المواسم وبخاصة فى الأعياد.
تصعد العربة الشارع، امتداد المعز لدين الله، مارا بسوق الزيتون والليمون قبل أن تعبر باب النصر إلى خارج مدينة القاهرة. نساء العربة ينشدن أناشيد شعبية خاصة بهذا اليوم. قضيت وقتا حقيقيا أبحث عن الأحياء منهن للاستدلال عن كلمات ولحن هذه الأغنيات. لم أجد. كلمات فيها فرح اللقاء المنتظر مع أهلنا فى القبور وحزن على غيابهم، كلاهما معا فى أنشودة واحدة بلحنين منفصلين ولكن منسجمين. عند الوصول إلى بوابة المقبرة أنزل من العربة محمولا من حضن إلى آخر. آخرها عند فسحة الاستقبال تجلس أكبر السيدات سنا لتتولى من هناك مسئوليتين، مسئولية الإشراف على إنزال الصندوق وإدخاله إلى غرفة استقبال داخلية ومسئولية تأمينى إلى حين وصول جدتى وبناتها وجيش الأحفاد من صبيان وبنات.
أذكر أننى كنت أنتظر بشغف عودة الرجال من صلاة العيد بعد شروق الشمس. يعودون ومعهم صوانى الحلوى متنوعة الأشكال والأنواع. يتناولون فى البيت إفطارا سريعا ويطمئنون إلى أن نساء البيت سبقن إلى «القرافة» وعادت عربات الحنطور لتنقل سادة البيت. هنا فى القرافة انتهى العمل الجاد فى إعداد وتنظيف غرف الاستقبال والحديقة استعدادا لاستقبال الضيوف. ما أن يصل أطفال العائلة ومراهقوها إلا وتدب الحركة فى الساحة القريبة. تشتغل المراجيح والألعاب الأخرى ويصل سكان، أو ضيوف، المقابر الكائنة على جانبى الشارع الطويل الممتد إلى قلب الصحراء المزدانة بأشجار وخضرة متنوعة. بحلول صلاة الظهر اكتمل الحى فى شكل مدينة عشت أشبهها بمدن الخشب التى كان يشيدها المستوطنون فى الغرب الأمريكى كما ظهرت فى أفلام رعاة البقر، وكانت مشاهدتها إحدى أهم هواياتى فى سن المراهقة.
●●●
اللغز الذى ظل عصيا على الحل هو المتعلق بكوننا، الأستاذة ليلى وأنا، نتذكر بجلاء تام أحداثا وقعت فى وجودنا ونحن دون الرابعة أو الثالثة من العمر. معى يظل اللغز أشد تعقيدا لما أتذكره عن تفاصيل شارع أمير الجيوش الجوانى والرجال بجلاليبهم البيضاء وبائع البليلة والمسجد المواجه للبيت، كل هذا وأكثر أراه وأراقبه من موقعى داخل بروز فى شكل قفص فى مشربية غرفة الاستقبال فى بيت جدتى. أن أكون داخل هذه المشربية لساعات معناه أننى كنت فى عمر لا يتجاوز سنة أو نحو السنة.
هذه الذكريات وغيرها ترتبط بحكم طبيعتها ببشر رحلوا وبأحياء تغيرت ملامحها بتغير صفات المجتمع وتكوينه، ارتبطت أيضا بأمكنة لمجرد وجودها وزخرفتها وما كانت تسره من حكايات وأساطير. بقيت لنا هذه الذكريات تساعدنا، ليلى وأنا وغيرنا، نحكى لكم حكايات ونعيش نحن مع التأملات.

 

arabstoday

GMT 14:39 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

تركيا والقبعات المتعددة

GMT 14:35 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

الطبع فيه غالب

GMT 14:33 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

خطورة ترامب على أوروبا

GMT 14:30 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

تركيز إسرائيل على طبطبائي… لم يكن صدفة

GMT 14:28 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل سوريا بين إسرائيل… وأميركا وتركيا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تأملات في الماضي تأملات في الماضي



أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ السعودية اليوم

GMT 16:53 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

تقرير يكشف أن"غروك" يشارك معلومات حساسة لأشخاص عاديين
 السعودية اليوم - تقرير يكشف أن"غروك" يشارك معلومات حساسة لأشخاص عاديين

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 11:41 2021 الأربعاء ,03 شباط / فبراير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 21:54 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

انقطاع الهاتف والإنترنت في كوبا لمدة 90 دقيقة

GMT 21:55 2021 الأربعاء ,03 شباط / فبراير

مجموعة من آخر صيحات الموضة في دهانات الشقق

GMT 08:30 2023 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

مجلس الوزراء السعودي يقر ميزانية الدولة لعام 2024

GMT 12:10 2023 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار للطاولات الجانبية التابعة للأسرة في غرف النوم

GMT 12:04 2021 الأحد ,17 كانون الثاني / يناير

قمة G7 ستعقد في إنجلترا خلال 11 - 13 يونيو

GMT 05:22 2020 الجمعة ,05 حزيران / يونيو

متابعة خسوف شبه ظل القمر افتراضيًا في مصر

GMT 04:53 2020 الأربعاء ,29 إبريل / نيسان

وزير الأوقاف المصري يكشف عن حقيقة فتح المساجد

GMT 07:26 2019 الأحد ,02 حزيران / يونيو

تتقدم بخطى ثابتة

GMT 12:25 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

تحتل موقع مناسب خلال هذا الشهر

GMT 13:50 2019 الأربعاء ,20 شباط / فبراير

محمد عبد الشافي يغيب عن الأهلي في مباراة الفتح

GMT 09:26 2018 السبت ,22 كانون الأول / ديسمبر

الاقتصاد التركي يختتم 2018 بتراجع كبير لأهم محركاته
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon