صعوبة استقبال الجديد في سوريا

صعوبة استقبال الجديد في سوريا

صعوبة استقبال الجديد في سوريا

 السعودية اليوم -

صعوبة استقبال الجديد في سوريا

رضوان السيد
بقلم - رضوان السيد

في الذكرى السنوية الأولى لسقوط حكم آل الأسد، يتحير أحمد الشرع، رئيس سوريا الجديد، من أين يبدأ. هو يحاول التسهيل على الناس بالتركيز على عنوانين: النهوض الاقتصادي وإعادة الإعمار. والعنوان الآخر: عودة سوريا إلى العالم العربي والمجتمع الدولي. وقد نجح في العنوان الثاني، ولا يزال العنوان الأول ينتظر؛ لأنه الأصعب، والأبطأ، والأكبر تكلفة.

لكنه في رحلاته الأخيرة إلى أميركا وقطر، ثم في خطابه الشامل بدمشق، عدَّد العناوين كثيراً كأنما كان مضطراً إلى تقديم كشف حساب للسوريين بعد عامٍ مرَّ بسرعة البرق، وعهدٍ استمر أكثر من 50 سنة كان شعاره: «الأسد إلى الأبد أو نخرب البلد»!

لديه المشكلة الكردية، ومشكلة السويداء، وكلٌ من المشكلتين يحتاج فيهما إلى مساعدة الإقليم وأميركا. وهما مشكلتان خطيرتان؛ لأنهما تتعلقان بوحدة الأرض السورية ووحدة الشعب.

لكن ما ذكر الشرعُ المهجَّرين الذين عاد منهم أكثرُ من مليون من تركيا والأردن ولبنان. وهذا نجاحٌ كبير له لا ندري لماذا نسيه، فالعودة تعني سقوط الخوف، وتغلُّب حُبّ الوطن على كل المشكلات والمصاعب... لكنه ملفٌ متصلٌ بإعادة الإعمار، فنصف العائدين لا يملكون منازل صالحة للسكن، فضلاً عن عدم توافُر المدارس والكهرباء والتجهيزات الصحية. ولذلك؛ فقد يحدث النهوض الاقتصادي، ويظلُّ الحديثُ عن إعادة الإعمار لسنواتٍ وسنواتٍ مقبلة.

لسنا نحن في لبنان فقط، بل في كل مواطن اللجوء، مثل ألمانيا والولايات المتحدة وتركيا، هناك ثناءٌ جمٌّ على قدرة السوريين على التأقلم مع المحيط، وابتداع وسائل للعيش كأنما هم باقون للأبد! وإذا كانوا قادرين على التواؤم في الخارج؛ فمن باب أَولى أن يتواءموا في محيطهم القريب ومواطنهم الأصلية، فيساعدوا أنفسهم، ويساعدوا حكومتهم الجديدة التي تستقبل ولا تطرد مواطنيها!

وهناك الملفّ الأصعب مما ذكرناه؛ لأنه ملفُّ أُلفةٍ وملفُّ مشاعر، وملفّ جوار، وملفّ مصالح. ولا أقصد بذلك العدوانَ الإسرائيلي المستمر بالطائرات والمسيّرات والمدفعية؛ بل أقصد الحنقَ العراقي واللبناني من الأوضاع المتغيرة في سوريا... فالشيعة والمسيحيون بالعراق ولبنان لا يتحدثون بصراحةٍ عن الكثرة السُّنية التي عاد ممثلوها إلى السلطة بعد أن اختفوا منذ عام 1963! هم يتحدثون عن أصول أحمد الشرع المتشددة، وعن الطابع المحافظ الذي ينشره، وعن كثرة زياراته الجامعَ الأُموي. الأميركيون والعرب على وعيٍ واضحٍ بالمعنى الأكثري للسلطة الجديدة، لكنهم لا يخشون من الأكثرية، بل يريدون إحلالها، كما أنهم لا يخافون من الإرهاب الذين كان الأميركيون والسعوديون هم أكبر أعدائه، ولا يزالون. فلماذا هذا الخوف من جانب الأقليات من حكمٍ يصرّح كل الوقت بأنه معنيٌّ بإنقاذ الداخل وليس له أي تطلع نحو الخارج، وهو معنيٌّ ليس فقط بحماية الأقليات، بل وبحقوق المواطنة بغضّ النظر عن الدين والعرق؟ مرةً، كما سبق القول، يتحدثون عن أصول الشرع، ومرة يشكُون من إخراج كل ميليشيات إيران، وهم منهم، من سوريا. أما المسيحيون، فليس هناك تعليل يمكن تبيان جوهره وأسبابه العميقة. تظاهر لبنانيون وسوريون ابتهاجاً بسقوط الأسد، فهاجمهم على «حفافيّ» صيدا شبانٌ شيعة، فاعتُدي على متظاهري صيدا المسالمين، ولم يهتم أحدٌ بردع المهاجمين من حارة صيدا!

فالذي يبدو أنّ الطرفين خائفان من عودة النفوذ السوري، ومتوجسان أيضاً من أن يستفيد السُّنّة في لبنان من وهج عودة الاعتبار إلى الأكثرية السنية بالمنطقة... وهذا وهمٌ بالطبع، لكنه يدل على أنّ «تحالف الأقليات» الذي ظهر أيام «عون الأول» كانت له قاعدةٌ فعليةٌ في الوعي والتصرف. الأصوليون السُّنة والشيعة الآن من الناحية السياسية، وحتى الدينية، لا علاقة لهم بالشرع والشارع السنّي، بل هم حلفاء إيران و«حماس» و«حزب الله». هكذا هي المشاعر، لكن هذه هي أيضاً المصالح. وصعبٌ الآن أن يتأقلم الشيعة الحاكمون بالعراق، و«الثنائي الشيعي» في لبنان، مع الوضع الجديد في سوريا؛ لأنهم فقدوا ساحةَ نفوذٍ مهمة كانوا مسيطرين فيها على حساب الشعب السوري، والانتشارَ داخل أرض سوريا العربية.

في الذكرى الأولى لسقوط الأسد الابن، ومعه النظام القديم كلّه، استعرض الشرع قواته العسكرية والأمنية التي كانت تدقّ بأقدامها أرجاء «ساحة الأُمويين» بين حشود المتظاهرين. بعض السلاح الثقيل الذي جرى الاستعراض به ليس من إدلب فقط، وليس من بقايا سلاح كتائب الأسد فقط؛ بل من تركيا أيضاً. وصحيح أنّ الأميركيين والسعوديين والأتراك هم الذين يحتضنون الشرع، لكنّ النظام الجديد حاول إقامة توازُنٍ حتى مع روسيا والصين، فضلاً عن الاستماتة في إرضاء العراقيين واللبنانيين. ينبغي عدم الاستغراب من هذا التوجس، حتى من جانب إسرائيل، ممن يسيطر في دمشق... فلطالما كانت دمشق قلب المشرق العربي، والشرع يطمح إلى استعادة ذلك؛ وبنهجٍ مختلفٍ عن نهج «البعث» المعروف. فلماذا لا خوف من التدخلات والميليشيات المسلحة، والخوف من الجمهور السوري المستبشر بعودة دولته الوطنية؟

arabstoday

GMT 13:43 2025 الجمعة ,12 كانون الأول / ديسمبر

ترمب: لا تحبسوني

GMT 13:40 2025 الجمعة ,12 كانون الأول / ديسمبر

فيلم «السِّتّ» إبداعٌ وإضافة

GMT 13:38 2025 الجمعة ,12 كانون الأول / ديسمبر

المانحون الكبار وضحاياهم

GMT 13:33 2025 الجمعة ,12 كانون الأول / ديسمبر

صحافة الابتزاز

GMT 13:30 2025 الجمعة ,12 كانون الأول / ديسمبر

هذا فعلًا محمد صلاح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صعوبة استقبال الجديد في سوريا صعوبة استقبال الجديد في سوريا



أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت - السعودية اليوم

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 13:28 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

مدرب الهلال يتنفس الصعداء بعد عودة الفرج والعابد إلى المشاركة

GMT 13:09 2019 الأربعاء ,09 كانون الثاني / يناير

تأكد إصابة لاعب الأهلي الجديد بقطع في الرباط الصليبي

GMT 06:10 2025 الجمعة ,05 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الميزان الجمعة 05 سبتمبر/ أيلول 2025

GMT 10:03 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

مغربية تقتل ابنها وتُلقي جثته في "المجاري"

GMT 14:19 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

مدرب النصر سعيد بعودة النيجيري أحمد موسى

GMT 20:04 2019 الأربعاء ,20 شباط / فبراير

تعرف على كيفية استخدام خرائط غوغل من دون إنترنت

GMT 14:06 2019 الثلاثاء ,19 شباط / فبراير

4 لاعبين كتبوا سطورًا ذهبية في تاريخ "النصر"

GMT 20:16 2019 الجمعة ,04 كانون الثاني / يناير

الريحان لزيادة نضارة البشرة وعلاج حب الشباب

GMT 01:15 2018 الإثنين ,03 كانون الأول / ديسمبر

أسعار عملات الدول العربية مقابل الدولار الأميركى الإثنين

GMT 23:26 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتفاق يصل الرياض استعدادًا لمواجهة الشباب

GMT 19:54 2018 الإثنين ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد نور يرد على مشجِّع أهلاوي حاول استفزازه

GMT 21:45 2018 الجمعة ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

قرارات هامة للحفاظ على جمالك أهمها تنظيف فُرش المكياج

GMT 13:35 2018 الأربعاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

الإماراتي عمر عبد الرحمن "عموري" يلعب في الدوري السعودي

GMT 13:12 2018 الإثنين ,01 تشرين الأول / أكتوبر

عبد الله السعيد يكشف عن مكاسب مباراة الباطن

GMT 20:56 2018 الإثنين ,02 تموز / يوليو

كيفية معالجة مشكلة العناد لدى الأطفال؟
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon