صراع قِيَم وليس صراع حضارات

صراع قِيَم وليس صراع حضارات!

صراع قِيَم وليس صراع حضارات!

 السعودية اليوم -

صراع قِيَم وليس صراع حضارات

بقلم - حسين شبكشي

إذا كانت هناك من دروس صادمة من خلال الحرب المدمرة الحاصلة على أيدي الجيش الإسرائيلي ضد سكان قطاع غزة من المدنيين العزل، فستكون مسألة تضارب وازدواجية معايير القيم لدى الحكومات المؤيدة للإبادة الإسرائيلية بحق سكان غزة، هي أبلغ تلك الدروس.

فبالمقارنة بين موقف هذه الحكومات من الحرب الروسية على أوكرانيا نجد أن ما يحصل اليوم، هو العكس تماماً من موقفها المؤيد لإسرائيل «المعتدية» على الفلسطينيين في غزة. ولم تكن هذه ازدواجية المعايير الأولى التي انفجرت الواحدة تلو الأخرى بشكل صادم ومخيف.

فالعالم يتابع بذهول تام القمع الخطير وغير المسبوق لحريات التعبير والرأي والتجمع المتعلق بتأييد فلسطين، خصوصاً في قلب المؤسسات الجامعية الكبرى بالعالم الغربي، وهي التي عرفت كأكبر ساحة لضمانة كل ذلك، وحركات مناهضة حرب فيتنام وحقوق المرأة والحقوق المدنية للسود، لهي أكبر دليل على ذلك.

ونال مقال الكاتب الإسرائيلي روجل ألفير في صحيفة «هآرتس» اهتمام العالم، والذي كتبه تحت عنوان «إسرائيل مرة أخرى اختارت الموت»؛ وجاء فيه: «نحن بوصفنا أشخاصاً مصابين بالعمى ننجر إلى الحرب وراء زعيم يفكّر في نفسه فقط، زعيم له مصلحة شخصية في إطالة هذه الحرب التي ستمتد نهايتها بشكل متعمد وغامض إلى ما بعد الشتاء، حيث يمكن أن تقودنا إلى صراعات إقليمية متعددة الجبهات، بل إلى صراعات بين الدول العظمى... الحرب يمكن أن تنتهي باحتلال القطاع ولكن من يقف على رأسنا هو الشخص الذي سبق أن ألحق بالدولة ضرراً أكبر مما لحق بها طوال التاريخ... إنه مهندس الدمار الذي تسير إسرائيل وراءه كالعادة بخنوع واضح وبالتضحية بالمخطوفين على أنغام طبول الحرب بمنطق كارثي... إسرائيل مرة أخرى اختارت الموت، ودائماً الموت الإسرائيلي هو المحتم». وفي الصحيفة نفسها، كتب المحامي ميخائيل سفارد المتخصص في القانون الدولي: «نحن الإسرائيليين قد فرضنا على الفلسطينيين اللجوء على مدى 25 سنة، وفرضنا عليهم الاحتلال على مدى 56 عاماً، وفرضنا على سكان غزة 16 سنة من الحصار، حتى أدى كل ذلك إلى تآكل مبادئ الأخلاق لدينا، وإلى ترسيخ واقع يقول إن هناك بشراً أقل قيمة منا بالكثير... إن الفساد الأخلاقي خطير على وجودنا بدرجة لا تقل على خطر (حماس)».

هذا هو الرجل الذي يقود إسرائيل، وهذا رأي أهم الخبراء الإسرائيليين فيه. هو الرجل الذي يقود حكومة متطرفة عنصرية فاشية بامتياز وباعتراف أعضائها. حكومة تضم تيارات دينية متصالحة تماماً مع الصهيونية، ومن رموزها سموتريتش وبن غفير الوزيران المتطرفان المعروفان. كلاهما يعتقد بالتفوق العرقي اليهودي، وقد صرح بذلك سموتريتش علناً بقوله: أنا يهودي فاشي وأفتخر، وعندهما فكر «خلاصي» يعتقد بضرورة ضم الضفة وغزة واعتماد الاستيطان فيهما وتهجير كامل للفلسطينيين كافة إلى خارج حدود إسرائيل. هذه هي الحكومة التي تدعمها حكومات الغرب اليوم.

هذا الجنون الموجود في السياسة المسيطرة على إسرائيل هو الذي يعيد مجدداً القضية الفلسطينية إلى صدارة العناوين الإخبارية. فالوضع الفلسطيني اليوم مع ما يتعرض له من مذابح وعنصرية واستيطان واستعمار وإبادة جماعية واحتلال متوحش، وضع يشبه القرن الثامن عشر وليس 2023. وهذه المفارقة المذهلة التي تجعل الناس تتساءل كيف للعالم الحر الذي وبعد أن خاض حرباً عالمية ثانية مدمرة أسس بعدها لنظام عالمي فيه حقوق الإنسان، ومحكمة عدل جنائية دولية وأسس حزمة من القوانين والتشريعات المنظمة للعلاقات ويدعي الحداثة والتقدم يؤيد ويدعم ويبارك طرفاً يمارس العنصرية والفاشية، ويبني جدراناً للعزل والفصل ويصادر الأراضي ويمنع الماء والكهرباء والدواء، ويحاصر الناس في قوالب غير قابلة للحياة، ويستخدم أوصافاً لا تليق بالبشر في وصف الفلسطينيين. هذه لعمري سقطة أخلاقية لا تغتفر.

يبدو واضحاً جداً أن المؤرخ الأميركي الشهير صاموئيل هنتنغتون لم يكن موفقاً ولا دقيقاً، حينما اختار عنوان «صدام الحضارات» لكتابه الشهير، لأن المسألة الأهم هي صراع القيم التي متى ما أصبحت تكال بمكيالين دون أن تكون مطبقة بعدالة على الجميع وقتها تكون المشكلة الحقيقية.

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صراع قِيَم وليس صراع حضارات صراع قِيَم وليس صراع حضارات



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 12:22 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيدة

GMT 00:21 2018 الأحد ,03 حزيران / يونيو

افتتاح عرض "الحادثة" على مسرح الغد في العجوزة

GMT 04:26 2018 الخميس ,12 إبريل / نيسان

تجنبي وضع العطور على القميص أو القماش

GMT 16:36 2018 الأربعاء ,31 كانون الثاني / يناير

طارق علام يكرم الدكتورة فادية عبد الجواد في برنامج "هو ده"

GMT 07:07 2013 الخميس ,27 حزيران / يونيو

مغامرات وسط السافانا على أرض ناميبيا الساحرة

GMT 09:18 2017 الثلاثاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

هكذا يؤثر الاحتباس الحراري على الأنهار في أوروبا

GMT 19:37 2017 الأربعاء ,20 أيلول / سبتمبر

ترشيح سعد المسيلم لانتخابات الاتحاد الكويتي

GMT 07:33 2021 الثلاثاء ,16 شباط / فبراير

الدولار في هبوط مع مراهنات على التعافي

GMT 15:36 2020 الأربعاء ,29 تموز / يوليو

ألوان العدسات اللاصقة المناسبة للبشرة السمراء

GMT 08:52 2019 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

إقبال كثيف على عرض "ولاد البلد" في المنيا

GMT 22:31 2019 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

كوني دائمًا أنيقة في بيتك

GMT 07:19 2019 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

"ولاد البلد" عرض مسرحى فى ضيافة قصر ثقافة طور سيناء

GMT 15:03 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

اتحاد الكرة السعودي يتجه إلى رفض احتجاج النصر بشأن كنو
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab