التصحيح المأمول من «رجل العام الكوروني»

التصحيح المأمول من «رجل العام الكوروني»

التصحيح المأمول من «رجل العام الكوروني»

 السعودية اليوم -

التصحيح المأمول من «رجل العام الكوروني»

فـــؤاد مطـــر
بقلم - فـــؤاد مطـــر

حتى بعد الفوز الذي حققه، لم تغادره الحنكة والتعبير بأرقى العبارات وأرق المشاعر عندما يُسأل من جانب إعلاميين وإعلاميات عمَّا في طيات الأيام المتبقية على ترسيمه رئيساً للولايات المتحدة. وكان لافتاً أنه في الوقت الذي كان الرئيس ترمب يواصل تعبئة مشاعبيه بهدف توسيع مساحة الانقضاض القضائي على جو بايدن الذي فاز شعبياً بالرئاسة، وينتظر بقية طقوس الجلوس في المكتب البيضاوي، فإن بايدن كان يسجل في الإجابة عن أسئلة من الصحافيين هدفيْن شديدي الوقع في مرمى ترمب. فعندما سئل بايدن رأيه في هذا الحراك القضائي الذي يصرُّ الرئيس ترمب على مواصلة السير فيه أجاب بما معناه بأن ما يفعله سيؤثر على إرثه. لم يهاجم. لم يرفع إصبع التحدي. اختار العبارة التي تنبه في حال الأخذ بها، وأما في حال عدم التأمل في جوهرها فإنَّ الندم هو الذي سيصيب ترمب هنا. ذلك أن الإرادة الشعبية قضت بأن يكون بايدن هو الرئيس، ولا رادَّ لكلمة الشعب، وأن كلمة القضاء مهما كانت هنالك تأثيرات عليه، ليست أهمَّ من نصوص الدستور.
الإجابة التي أشرنا إليها أَتْبعها بايدن بمثيلة لها من حيث الوخز الذي يبرع فيه أولو الحنكة من أهل السياسة. فعندما سئل ماذا يقوله الآن للرئيس ترمب، وهل سيتصل به ما دام ترمب لم يتصل، أجاب: «سأقول له: سيدي الرئيس. إنني أتطلع إلى الحديث معك».
بهذه الكياسة أضاف بايدن وقد بات الرئيس إلى ما كان يتسم به خطابه على مدى أسابيع الجولات الانتخابية والمناظرات، المزيد من نقاط الإعجاب به. رئيس يفضل الهدوء على الضجيج. والكلمة الهادئة على العبارات العاصفة. وتقدير المقامات لا الاستهانة بها. ومثل هذه الملامح والإشارات كانت جزءاً من أسلوب ترمب في التخاطب مع الذين تعامل معهم وتسببت أقوال وإشارات صدرت عنه في انزعاج كثيرين ارتأوا إبقاء العتب والغضب حبيس الصدور.
وما هو مألوف أن للحكام مستشارين، وأهم هؤلاء بالذات أولئك الذين يرسمون للحاكم السياسات التي إذا هو أخذ بها يكون في منأى عن المتاعب، كما أولئك الذين يكتبون له الخُطب التي سيلقيها ويحرص هؤلاء شديد الحرص على أن يلتزم الحاكم بالنص ولا يخرج عليه أمام مشهد شعبي يبهر العينين، ويحرّك مشاعر التعالي في نفس الحاكم. ومن الجائز الافتراض أن الرئيس ترمب كان لامبالياً بمثل هكذا نوعية من المستشارين، ليس لثقة بالنفس أنه ليس في حاجة إلى النصح والإصغاء إلى الأفكار التي لا يثير تضمينها خطاباً له عواصف لا تعود بالخير لعهد وللبلاد عموماً، وإنما لأنَّه من نسيج حكام يستوطن التعالي شخصيتهم، فلا يعود الواحد منهم يفصل بين نفسه والوطن الذي شاءت الأقدار أن يكون رئيسه. وإذا كانت الدولة محكومة بحزب فإنَّ مَن بات الحاكم بترشيح الحزب له، إما ينصرف على أساس أنه جزء من كل وليس الكل وفرع من أصل وليس كل الأصل. وهذا تماماً ما حدث مع ترمب أي إنه رأى نفسه على نحو ما رأى صدَّام حسين من قبل نفسه، بمعنى أن حزب البعث يمثله وليس العكس. وبالنسبة إلى ترمب فإنه تصرف قولاً وفعلاً على أساس أن الحزب الجمهوري يمثله، وليس هو مَن اختاره الحزب لكي يخوض معركة الرئاسة. وعندما يكون هذا هو الشعور السائد لا تعود لدى الشخص الضوابط المفترض وجودها، ويصبح باستمرار متحدثاً خارج النص يقول ما ليس من المصلحة، لا للحزب ولا للدولة ولا للشعب، قوله.
وأمام الرئيس بايدن، وقد خطا خطوات مهمة على خريطة طريق عهده ترتيباً للأوضاع واختياراً لمن يشغلون مواقع إدارته الأوضاع، ونجا من أحابيل إيقاع انتصاره في الحبائل القضائية، أن يأخذ في الاعتبار تصحيح سقطات كلامية كثيرة ارتبطت بالرئيس السلَف، وقرارات من النوع نفسه اتُّخذت كأنما هو أمر يخصه ولا يحتاج بالتالي إلى مشورة. ولعل أهم خطوات التصحيح المأمول، إعادة النظر في قرار إهداء ترمب القدس عاصمة لإسرائيل، وإهداء الجولان لحليفه نتنياهو الذي ردّ على الهدية بتسمية مستوطنة في الجولان باسم ترمب. وإعادة النظر بهدف التصحيح لا تعود تنصلاً من وعد، وإنما تسهيلاً لاستيلاد حلول يوصي بها أهل النصح ولمصلحة أهل الحُكْم.
ولطالما تحدثت معلومات عن تأثر بايدن باللقاء الذي جمعه للمرة الأُولى بغولدا مائير التي زادته اقتناعاً بدعم إسرائيل، مع الأخذ في الاعتبار أن ما يميزه عن الرئيس ترمب أنه مع إسرائيل الدولة، فيما ترمب مع إسرائيل نتنياهو، ربما لخصال مشترَكة بينهما، وربما لأن طبيعة رئيس الولايات المتحدة الآتي من مجتمع رجال المال والأعمال تميل إلى النفع السريع من أي علاقة.
في أي حال، إن المأمول حدوثه من بايدن وقد اكتسب إلى جانب الفوز بالرئاسة صفة «رجل العام الكوروني» بامتياز، ليس فقط نزع ألغام الصراع الأهلي الذي قد ينتهي مواجهاتٍ في أميركا التي لا يخلو بيت من السلاح فيها، وإنما تبرير المحاذير التي تراكمت في سنوات ترمب وإلى درجة أن الإنسان بات يرى في الولايات المتحدة أنها ليست تلك التي يراها العربي كما لو أنه أمام حديقة جميلة، أو لوحة زاهية.

arabstoday

GMT 08:08 2023 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

الاستحواذ على الأندية الرياضية

GMT 13:43 2023 الجمعة ,22 أيلول / سبتمبر

الشرق الأوسط الجديد والتحديات!

GMT 15:35 2023 الخميس ,14 أيلول / سبتمبر

كشف أثري جديد في موقع العبلاء بالسعودية

GMT 15:51 2023 الأربعاء ,13 أيلول / سبتمبر

الممر الاقتصادي... و«الممر الآيديولوجي»

GMT 20:15 2021 الأحد ,21 شباط / فبراير

حزب الله والارتياب والتدويل

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التصحيح المأمول من «رجل العام الكوروني» التصحيح المأمول من «رجل العام الكوروني»



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم
alsaudiatoday.com

GMT 18:58 2017 الثلاثاء ,19 أيلول / سبتمبر

عبدالغني فهمي يعلن رحيله عن النادي بمؤامرة

GMT 18:51 2020 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

أحدث قصات الغُرَّة الأمامية للعام 2021

GMT 19:19 2019 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

فيلم "مرشحون للانتحار" يحصد 4 جوائز في الأردن

GMT 21:10 2019 الخميس ,04 تموز / يوليو

بيع تمثال توت عنخ آمون في مزاد ببريطانيا

GMT 15:38 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

انفراجات ومصالحات خلال هذا الشهر

GMT 07:24 2014 الخميس ,27 شباط / فبراير

نضال في الاتجاه العكسي

GMT 10:19 2015 الأربعاء ,11 شباط / فبراير

آسيا جبار

GMT 13:24 2012 الجمعة ,07 كانون الأول / ديسمبر

الموسيقار عمار الشريعي يرحل عن 64 عامًا

GMT 05:36 2017 الإثنين ,18 أيلول / سبتمبر

غارة تركية تقتل 7 عناصر من حزب "العمال الكردستاني"

GMT 03:57 2015 الأحد ,27 كانون الأول / ديسمبر

رانيا الغزالي تكشف عن تصاميمها لشموع الكريسماس لعام 2016

GMT 09:12 2017 الثلاثاء ,31 كانون الثاني / يناير

شركة تبتكر قناعًا يمنع المعاناة من الشخير أثناء النوم

GMT 00:37 2016 الخميس ,04 شباط / فبراير

محمد بركات يحمِّل غاريدو مسؤولية ضياع الدوري

GMT 03:04 2017 الجمعة ,30 حزيران / يونيو

خمسة أساليب للتغلب على تناول الطعام بسبب التوتر

GMT 05:47 2017 الثلاثاء ,21 آذار/ مارس

جنش يؤكد أن انضمامه للمنتخب تأخر ويعلن التحدي

GMT 23:27 2016 الخميس ,30 حزيران / يونيو

مقتل 6 من قوات حرس الحدود المصرية

GMT 22:02 2017 الأحد ,15 كانون الثاني / يناير

التشكيلة المثالية لنجوم لعبوا لـ"مارسيليا وموناكو"

GMT 12:53 2015 الخميس ,03 كانون الأول / ديسمبر

رئيس بولندا يتسلم أوراق اعتماد سفير قطر

GMT 10:33 2016 الجمعة ,22 كانون الثاني / يناير

أسباب تجعل ميامي وجهتك المميزة لقضاء إجازة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab