المعادلة التعجيزية في الجحيم الغزَّاوي

المعادلة التعجيزية في الجحيم الغزَّاوي

المعادلة التعجيزية في الجحيم الغزَّاوي

 السعودية اليوم -

المعادلة التعجيزية في الجحيم الغزَّاوي

بقلم - فـــؤاد مطـــر

ثمة معادلة بالغة الحساسية وتكاد تبدو تعجيزية في مسألة الجحيم الغزاوي أو عاشوراء الغزاوية أو الهولوكوست الأكثر تطوراً من سلفه الهتلري على يدي «إسرائيل نتنياهو». وكل هذه التوصيفات تنطبق على ما يحدث في غزة ويستهدف شعبها وأطفالها ومدارسها وكنائسها ومستشفياتها، وهي أن الدول العربية والإسلامية والصديقة تأخذ في الاعتبار أن الطرف العربي المسلم - المسيحي الفلسطيني في مواجهة جنون العدوان الإسرائيلي، ليس دولة، لكي يكون التصرف من الدول العربية والإسلامية على غير ما هو الظاهر للعيان ومعلَن عنه. ومن معالمه الفاعلة على الصعيد الوطني الحملة الشعبية عبْر منصة «ساهم» لإغاثة الشعب الفلسطيني في غزة التي وجَّه بها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، ودشناها بمبلغ خمسين مليون ريال، وأضفى مفتي عام المملكة الشيخ عبد العزيز آل الشيخ على الحملة بعداً روحياً من خلال قوله: «إن هذا التوجيه من الأعمال الخيِّرة التي تؤكد حرص القيادة في هذا البلد على تلمُّس حاجات المنكوبين والمحتاجين للمساعدة، وهي من محامد هذه الدولة التي قررت واجب المسلم تجاه أخيه المسلم من تفريغ للكرْب وإغاثة الملهوف ومساعدة المحتاجين...»... وهذا القول يأتي تذكيراً واسترشاداً بما جاء في وصية المؤسس الملك عبد العزيز قبل 91 سنة للأبناء الملوك من بعده: «عليك أن تنظر في أمر المسلمين عامة. اقض لوازمهم وأقِل عَثْرتهم وانصح لهم».

ما يمكن استنتاجه هو أن الحملة التقليدية والاكتفاء بالإشارة إليها التي أحصى الكاتب السعودي مشعل السديري في مقالته («الشرق الأوسط». الأحد 5-11-2023) الأرقام المليارية لمناسباتها من عام النكبة عام 1948 والمستمرة إلى أن تقوم الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس... بل وإلى ما بعد القيامة هذه، على نحو ما هو الصراط الإغاثي السعودي الواجب، استرشاداً بوصية المؤسس الملك عبد العزيز رحمة الله عليه... ذات منطلق قومي وطابع أخوي وضرورة غوثية وليست نجدة لغرض سياسي. كما أن ما يمكن قوله، استناداً إلى حملات الإغاثة التي تُوجِّه بها المملكة، إن هذه الحملة بالذات ستكون بفعل من رعى ودشن وتفاعل الناس بمختلف درجات الإمكانات، لهي خير رد إنساني وكريم على ما أحدثه الانتقام الإسرائيلي في الشعب الفلسطيني في غزة.

وللمرء أن يتساءل: هل هنالك نجدة أُخرى مختلفة كتلك التي بادرت إليها السعودية، فضلاً عن مساعدة استشفائية - غذائية من مصر ومن الأردن، ومساعدات جاهزة من معظم الدول العربية والإسلامية يتوقف تنفيذ إرسالها على وجه السرعة على وضع حد للعدوان الإسرائيلي المتواصل على مدار معظم ساعات الليل والنهار.

وما نقصده بالنجدة الأخرى المختلفة والفاعلة هي أن تتخذ دول أقامت مختارة أو مضطرة بدافع اجتهادات سياسية تحقق بالالتزام والتدرج استقراراً ثابتاً في المنطقة على المدى غير البعيد؛ خطوة اضطرارية لتلافي احتمالات الضرر، كتلك المألوف اتخاذها عند حدوث حروب أو أزمات على درجة من الاستعصاء بين دولتيْن فتلجأ الأكثر تضرراً إلى خطوة تمهيدية تتمثل في استدعاء السفير وإبلاغه لوماً بمستوى الأذى الذي تسبب به نظامه، تليها في حال ارتفع منسوب الضرر ومعه الغضب خطوة أكثر فعالية وتتمثل في تبادل استدعاء كل دولة سفيرها، حيث تبقى السفارة شاغرة منصب السفير إلى حين انجلاء الأزمة تفهماً بعد اعتذار، أو التعهد بما يُبقي العلاقة مستقرة نسبياً وبما يرفع مع الوقت مستوى هذا الاستقرار، وهذا ما فعله ملك البحرين الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة، وكذلك الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الذي أرفق الخطوة لاحقاً بنفض اليد من رئيس حكومة الهولوكوست الجديد بعبارة ما تتجاوز في مقصدها سحْب سفير أو استدعاءه، لكنها في الوقت نفسه بقوة قطْع العلاقات إلى حين استعادة الثقة بذلك «الرئيس الهولوكوستي». والعبارة هي «إن المسؤول عن الهجمات ضد غزة هو رئيس الوزراء نتنياهو شخصياً الذي لم يعد ممكناً الحديث معه...»... كما هذا ما فعله الملك عبد الله الثاني الذي لم يغضبه علو منسوب الاحتجاج الشعبي في المملكة الهاشمية ضد إسرائيل والسياسة الأميركية، ثم يضفي لفتة غوث جوية للغزاويين تتسم بالتحدي المدروس. ولولا المعاهدة التي أبرمها والده (الراحل) الملك حسين مع إسرائيل لكان من الطبيعي أن تكون نجدة المملكة الأردنية لفلسطينيي قطاع غزة أكثر فعالية. ويقال الأمر نفسه بالنسبة للرئيس عبد الفتاح السيسي، الوارث، كما الملك عبد الله الثاني، عبء قيود معاهدة كامب ديفيد التي أبرمها الرئيس (الراحل) أنور السادات مع إسرائيل، وما زال عرَّابها الثنائي جيمي كارتر - هنري كيسينجر على قيد الحياة مع بلوغ كل منهما مشارف قرن من العمر سيُصنَّف في ضوء «هولوكوست» نتنياهو ووزيره الداعي إلى قصف الغزاويين أرضاً وبشراً بقنبلة ذرية من تلك القنابل التي ذات أفضال أميركية عليها، على أنه قرن مثلث الشر المستطير نيرون - هتلر - نتنياهو.

خلاصة القول إن ما يجعل النجدة الحاسمة إلى حد ما للغزاويين غير ممكنة التفعيل هي المعاهدة التي أبرمتْها مصر الساداتية بأمل أن تكون أحد مفاتيح السلام المرجأ نشره في المنطقة، وحذا الأردن حذوها. ثم تتابعت بعد ذلك اتفاقات بعضها موقف وبعضها الآخر تبادل حُسن نوايا ورغبات لا تُحقق الحسم المأمول. وهكذا، فإن العائق في ألا يتواصل المشهد الغزاوي على هذه المأساوية التي هو عليها، يعود إلى أن إعادة النظر الجذرية من جانب طرفي المعاهدة ومن أولئك المتبادلين حُسْن النوايا والرغبات في ضوء نتائج الاختبارات، معناها البدء بفتح بوابات الحرب باباً تلو آخر كما حال المنطقة قبل 1967، وهذا يعني الإفساح في المجال أمام رئيس الأركان الإسرائيلي تنفيذ تهديده بأن السلاح الجوي قادر على الوصول إلى أي مكان في منطقة الشرق الأوسط، بعد التهديد العدواني الآخر تلويحاً بضرب قطاع غزة بقنبلة ذرية من جانب وزير في حكومة متهاونة ومستهينة بمحاولة عربية جادة لنشر السلام في المنطقة، مما يعني طي آمال التطوير والتنمية والتحديث وتعويض ما فات على مدى نصف قرن، والبدء من جديد بكتابة سطور الحرب التي ستكون في ضوء الأحوال الراهنة من القطب إلى القطب، بعدما بات للعرب دول كبرى مساندة لرؤاهم ومتفهمة أكثر من الجمع الأطلسي بدرجات السيئ والأكثر سوءاً في احترام مقاصدهم. الحرب الكونية الأولى التي لا خيار أمام أكثر من دولة متمكنة من أن تكون شريكة فيها. وهذا لا يعني أن القمة العربية الإسلامية التي عقدت في الرياض (السبت والأحد 11 - 12 نوفمبر «تشرين الثاني» 2023) لا ترى أن جرعة موقف عربي - إسلامي متوازن، في بيانها الختامي تحاشى التسميات وركز على الجوهر، من شأنها إبقاء القضية في مدار الاهتمام بأعلى مستوياته. وهذه الجرعة قد تبلسم الجراح وتبعث في النفس بعض الطمأنينة في حال جاء نتاج القمة كما من نسيج اللاءات الثلاث للقمة العربية الاستثنائية في الخرطوم (سبتمبر «أيلول» 1967) التي اعتمد قادة الأمة فيها «صيغة إزالة آثار العدوان» بحيث يلتقي المجتمع الدولي مع الرؤى الموضوعية للقمة العربية الإسلامية في وضع حد لما تقترفه «إسرائيل نتنياهو»، وما زال الاقتراف على أشده في حق أنام من كل الأعمار حرّم الله قتلهم... هذا إلى جانب تدمير ممنهج وموضع تشجيع أميركي - أوروبي على مستوى الحكومات يقابله عدم رضا شعبي ملحوظ يرفض الظلم والاستهانة بحقوق الإنسان الفلسطيني في العيش الكريم في وطنه، وعلى نحو ما رسمت الحل المتوازن القمة العربية الإسلامية بما أثمرته الاستضافة مكاناً وإدارة وحرصاً ورعاية من عوائد.

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المعادلة التعجيزية في الجحيم الغزَّاوي المعادلة التعجيزية في الجحيم الغزَّاوي



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 18:58 2017 الثلاثاء ,19 أيلول / سبتمبر

عبدالغني فهمي يعلن رحيله عن النادي بمؤامرة

GMT 18:51 2020 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

أحدث قصات الغُرَّة الأمامية للعام 2021

GMT 19:19 2019 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

فيلم "مرشحون للانتحار" يحصد 4 جوائز في الأردن

GMT 21:10 2019 الخميس ,04 تموز / يوليو

بيع تمثال توت عنخ آمون في مزاد ببريطانيا

GMT 15:38 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

انفراجات ومصالحات خلال هذا الشهر

GMT 07:24 2014 الخميس ,27 شباط / فبراير

نضال في الاتجاه العكسي

GMT 10:19 2015 الأربعاء ,11 شباط / فبراير

آسيا جبار

GMT 13:24 2012 الجمعة ,07 كانون الأول / ديسمبر

الموسيقار عمار الشريعي يرحل عن 64 عامًا

GMT 05:36 2017 الإثنين ,18 أيلول / سبتمبر

غارة تركية تقتل 7 عناصر من حزب "العمال الكردستاني"

GMT 03:57 2015 الأحد ,27 كانون الأول / ديسمبر

رانيا الغزالي تكشف عن تصاميمها لشموع الكريسماس لعام 2016

GMT 09:12 2017 الثلاثاء ,31 كانون الثاني / يناير

شركة تبتكر قناعًا يمنع المعاناة من الشخير أثناء النوم

GMT 00:37 2016 الخميس ,04 شباط / فبراير

محمد بركات يحمِّل غاريدو مسؤولية ضياع الدوري

GMT 03:04 2017 الجمعة ,30 حزيران / يونيو

خمسة أساليب للتغلب على تناول الطعام بسبب التوتر

GMT 05:47 2017 الثلاثاء ,21 آذار/ مارس

جنش يؤكد أن انضمامه للمنتخب تأخر ويعلن التحدي

GMT 23:27 2016 الخميس ,30 حزيران / يونيو

مقتل 6 من قوات حرس الحدود المصرية

GMT 22:02 2017 الأحد ,15 كانون الثاني / يناير

التشكيلة المثالية لنجوم لعبوا لـ"مارسيليا وموناكو"

GMT 12:53 2015 الخميس ,03 كانون الأول / ديسمبر

رئيس بولندا يتسلم أوراق اعتماد سفير قطر
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab