دفن الموتى
الاحتلال الإسرائيلي يخطر بهدم منشآت سكنية وزراعية جنوب شرق القدس المحتلة استشهاد طفلة فلسطينية بنيران جيش الاحتلال الإسرائيلي خارج مناطق انتشاره في مواصي رفح جنوبي قطاع غزة إعصار فونغ وونغ يضرب الفلبين بعنف غير مسبوق قتلى ودمار واسع وملايين المتضررين في أسوأ كارثة تضرب البلاد هذا العام الكرملين يرحب بتحديث استراتيجية الأمن القومي الأميركي وحذف وصف روسيا بالتهديد المباشر إلغاء جلسة إستجواب نتنياهو بالمحكمة بسبب إجتماع دبلوماسي عاجل والكنيست يستدعيه لنقاش بطلب 40 عضوًا الجيش الإسرائيلي يعلن تدمير بئر ومستودع أسلحة لحزب الله في جنوب لبنان والعثور على قذائف هاون جاهزة للإطلاق رجال يرشون رذاذ الفلفل في مطار هيثرو في لندن وإعتقال مشتبه به في الهجوم زلزال بقوة 5.4 درجات على مقياس ريختر اليوم يضرب إقليم مالوكو في إندونيسيا زلزال بقوة 7 درجة على مقياس ريختر يضرب شمال غرب كندا زلزال بقوة 6.36 درجة على مقياس ريختر يضرب اليونان
أخر الأخبار

دفن الموتى

دفن الموتى

 السعودية اليوم -

دفن الموتى

مأمون فندي
بقلم - مأمون فندي

العنوان ليس لي، بل مأخوذ من افتتاحية الشاعر الكبير تي. إس. إليوت التي كُتبت عام 1921، ونُشرت عام 1922 على خلفية نهاية الحرب العالمية الأولى، والتي ترسم ملامح العالم في مجموعة صور وكنايات واستعارات ممزقة لا رابط بينها سوى الإحساس بالألم والمرارة والضياع. ما معنى الحياة عندما يكون الموت وبهذه البشاعة هو المصير المحتوم يلخص حياتنا في حفنة تراب هي مآلنا، من التراب وإلى التراب نعود، فهل لمفتتح «الأرض الخراب» في قصيدة إليوت أي معنى لعالم الجائحة؟ أم أن الموت في الجائحة يختلف عن الموت البشع من جراء الحروب الكبيرة؟ حفظت الأبيات الأولى لهذه القصيدة كأنما أحفظ شعر المتنبي الذي يتسلل إلى عقلك خلسة ويبقى هناك.
«أبريل هو أقسى الشهور، يُخرج زهور الليلك من الأرض الميتة، يخلط الذكرى بالرغبة، ويُحْيي الجذور النائمة بمطر الربيع».
هذا المربع الشعري المثير المليء بما يبدو متناقضاً يفتتح أهم قصيدة في الشعر الإنجليزي كُتبت في القرن العشرين. كيف يكون شهر أبريل (نيسان) وهو بداية الربيع من أقسى الشهور؟ هكذا، لأن فيه بزوغاً لزهور الليلك الزرقاء الناعمة والتي نعرف مسبقاً أن شبابها لن يدوم كثيراً وأن الموت السريع مصيرها، نرقب شروقها المدهش ونحن نعلم أنها ميتة بعد حين. ومطر الربيع يحْيي جذوراً ميتة لتنبت ونعرف أنها ستموت مبكراً، فلماذا هذا التذكير بالألم والموت المبكر وغير المتوقع، لماذا تموت الزهور في ريعانها؟ لا يستطيع الشاعر استساغة معنى الإشراق إذا كان الظلام هو الأمر المحتوم، ما معنى تلك الحياة المفعمة إذا كان الموت مصيرها؟ هل لتصبح سماداً لزهور جديدة أم أن الأمر كله ينتهي بمقولة من «التراب وإلى التراب نعود»، مثل افتتاحيات الأغاني الكنسية، أو في قوله تعالى في سورة (ق): «أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ»، والحديث: «كلُّكم بنو آدمَ، وآدمُ خُلقَ من ترابٍ، لينتهينَّ قومٌ يفتخِرون بآبائِهم، أو ليكونن أهونَ على اللهِ من الجُعْلانِ».
مع اختلاف النصوص الإسلامية التي فيها بعث وأمل لحياة أخرى أبدية، نجد رؤية إليوت في عالم ما بعد الحرب العالمية الأولى شبه عدمية تتساءل عن معنى موت الزهور الرقيقة قبل الأوان، تلك الحرب التي راح ضحيتها عشرة ملايين من البشر، وهذا عدد من الموتى غير قليل في عام 1921 كما أنه ليس قليلاً الآن.
«الشتاء يحفظ علينا الدفء، يغطي الأرض بثلوج النسيان، يُطعم الحياة الباسقة من جذور قديمة نائمة».
كيف يكون الشتاء مصدر دفء وراحة؟ الثلوج التي تغطي الأرض تجعلنا ننسى ما تحتها من جثث الموتى، تلك الجثث التي تكون مصدر حياة أو سماداً لحياة محتمَلة الآن نائمة تحت الثلج، البرد والشتاء مصدر دفء لأنه يُنسينا آلام الموت الفظيع، «الصيف يدهشنا بالمطر» ويحرّك فينا ذكريات ما قبل الحرب عندما كانت الحياة ممكنة ومصدر أمل لا مصدر ألم، وهكذا نتوق لعالم ما قبل الجائحة رغبةً في اعتيادية الحياة والسفر جنوباً في الشتاء كما تتذكر «ماري»، المتحدثة الأولى في القصيدة، بحثاً عن اعتياد قديم مبهج، بحثاً عن الجلوس في المقاهي والثرثرة مع مَن نحب ومع مَن لا نحب أحياناً، الأمل، وجاءت الجائحة لتحصد كباراً وصغاراً وتجعلنا نحاول الاختفاء ليس خلف بروج مشيّدة وإنما خلف كمامة رقيقة لا تغني من الحق شيئاً، وتذكّرنا بمصيرنا المحتوم، من التراب وإلى التراب نعود.
لم أكن أعرف أنني أحفظ افتتاحية «الأرض الخراب» متمثلةً في الافتتاحية المعنونة بدفن الموتى، إلا عندما ذكّرني بها صديق عنَّ على خاطره فجأة أن يقرأ تي إس إليوت، ويبدأ بأصعب قصائده وأكثرها تعقيداً.
«الأرض الخراب» ليست قصيدة للترجمة وليست قصيدة لأدعياء الثقافة، إذ يصعب فهمها لمن لا تجتمع لديهم مفاتيح الميثولوجيا الإغريقية والمصرية القديمة، ومعرفة عالم ما بعد الحرب العالمية الأولى وإلمامه باللغات الألمانية والفرنسية واللاتينية والسنسكريتية ومن لا يعرف شعر كيتس ولا يعرف منولوج أوفيليا في مسرحية «هاملت» والتي ماتت غرقاً، ومن لا يعرف شعر تشوسر ودانتي وبودلير، ومن لا يعرف موسيقى فاغنر، وتاريخ موت الإمبراطوريات إلى آخر الشفرات الرمزية في تلك القصيدة المركّبة، على كل هؤلاء يصعب فهم قصيدة وُلدت في المساحة بين عالم انتهى بنهاية الحرب وعالم متعثر في الولادة بعدها. مفاتيح الصور الشعرية والإحالات التاريخية واللغوية وكذلك الإحالات الأدبية المركزة كلها هناك.
أخبرت صديقي بأنه بدأ شعر إليوت من نقطة النهاية، كأنه يبدأ دراسة الرواية الحديثة من رائعة جيمس جويس عوليس، والتي كُتبت في ذات الفترة وكان إليوت يعرف عنها ولم يذكرها في هوامشه. ولكنه عالم الجائحة الذي يُخرج من دواخلنا رغبة جامحة للمعرفة، رغبة ربما لا تُنتج حياة جديدة ولا تُنجب حياة جديدة مثلها مثل رغبة الملكة إليزابيث الأولى (الملكة العذراء) وعلاقتها مع الإيرل روبرت ديدلي، إيرل ليستر، علاقة عقيمة رفضت من خلالها الإنجاب وتجديد الحياة من أجل شعبها الإنجليزي البائس كما يقول إليوت في المقطع المعنون «موعظة النار» القادمة من الميثولوجيا البوذية والتي تدعو الإنسان إلى الخروج من عالم الجسد والتراب إلى عالم أسمى، يقلّبه إليوت إلى عالم خرب غير قابل للتجدد.
لماذا تواردت الأرض الخراب على خاطر صاحبي والذي لم أكن أعرف يوماً أنه مغرم بشعر الإنجليز؟ هل هي الذاكرة الأبدية الموجودة في دواخلنا والتي لا نفتحها إلا بكلمة سر علّمنا الله إيّاها عندما قال: «وعلّم آدم الأسماء كلها»، و«علّم» هنا فعل ماضٍ، وكذلك في قوله تعالى: «ولقد علمتم النشأة الأولى»، وهو أيضاً فعل ماضٍ، أي إن العلم قد حدث وما علينا إلا استرجاعه في لحظة صفاء روحاني.
دفن الموتى هو مدخل مذهل لقصيدة تتكون من مجموعة صور شعرية ممزقة، ولغة عالية جداً مرة، وشعبية فيها سوقية مرة أخرى، وعبارات تقترب من لغة الميثولوجيا القديمة، وبلغات مختلفة، صور لا يربطها إلا رابط الألم الإنساني المشترك، ألم الحرب الذي كتب سطوره إليوت بالألمانية والإنجليزية، ليقول دونما مباشرة، إن ألم الألمان من الحرب لا يقل عن ألم الإنجليز، وكذلك الألم العالمي المشترك بعد مائة عام بالتمام والكمال بين كتابة قصيدة «الأرض الخراب» عام 1921، وما نحن عليه الآن في ذروة الجائحة ودفن الموتى في عام 2021.

 

arabstoday

GMT 22:58 2025 الجمعة ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عالم الحلول

GMT 08:08 2023 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

الاستحواذ على الأندية الرياضية

GMT 13:43 2023 الجمعة ,22 أيلول / سبتمبر

الشرق الأوسط الجديد والتحديات!

GMT 15:35 2023 الخميس ,14 أيلول / سبتمبر

كشف أثري جديد في موقع العبلاء بالسعودية

GMT 15:51 2025 الأحد ,17 آب / أغسطس

الممر الاقتصادي... و«الممر الآيديولوجي»

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دفن الموتى دفن الموتى



أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت - السعودية اليوم

GMT 11:51 2025 الأحد ,07 كانون الأول / ديسمبر

جورج كلوني يعترف بتغيير مساره المهني من أجل أطفاله
 السعودية اليوم - جورج كلوني يعترف بتغيير مساره المهني من أجل أطفاله

GMT 12:47 2025 الأحد ,07 كانون الأول / ديسمبر

بريجيت ماكرون تلتقي الباندا "يوان منغ" من جديد في الصين
 السعودية اليوم - بريجيت ماكرون تلتقي الباندا "يوان منغ" من جديد في الصين

GMT 12:14 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالإرهاق وكل ما تفعله سيكون تحت الأضواء

GMT 06:18 2025 الجمعة ,05 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الدلو الجمعة 05 سبتمبر/ أيلول 2025

GMT 16:59 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

حظك اليوم برج الجدي الخميس 7 يناير/كانون الثاني 2021

GMT 05:59 2025 الجمعة ,05 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الثور الجمعة 05 سبتمبر/ أيلول 2025

GMT 09:35 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحمل الأربعاء 7 أكتوبر/تشرين الثاني 2020

GMT 23:13 2020 الجمعة ,05 حزيران / يونيو

أمانة منطقة عسير تطرح 40 فرصة استثمارية

GMT 11:35 2020 السبت ,06 حزيران / يونيو

"الشارقة الثقافية" تحتفي بتاريخ وجمال تطوان

GMT 05:20 2020 الإثنين ,16 آذار/ مارس

مولودية الجزائر يستعيد وصافة الدوري

GMT 16:33 2019 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

حارس جديد يظهر في مران الأهلي اليوم

GMT 10:00 2019 الأربعاء ,22 أيار / مايو

ترامب في زيارة رسمية إلى أيرلندا للمرة الأولى

GMT 09:33 2019 الثلاثاء ,12 آذار/ مارس

«أفوكادو توست» حذاء ركض رجالي بألوان الطعام

GMT 00:23 2015 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لتبييض الركبتين و المناطق الخشنة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon