أصيلة تصالح المرء مع الواقع

أصيلة تصالح المرء مع الواقع

أصيلة تصالح المرء مع الواقع

 السعودية اليوم -

أصيلة تصالح المرء مع الواقع

بقلم - خير الله خير الله

«الصحراء الكبرى: من الحاجز إلى المحور»، «أوروبا: بين نوازع القوة والخروج من التاريخ»، «العرب اليوم وأعباء الفراغ الإستراتيجي».
كانت هذه ثلاثة عناوين كبرى لموسم أصيلة الـ44 الذي سمح هذه السنة، مرّة أخرى باكتشاف الفضاء المغربي المفعم بالحريّة الذي يسمح بمعرفة ما يدور في المنطقة والعالم.
سمح موسم أصيلة - 2023 خصوصاً بالتعرف، عن كثب، إلى ذلك الانقسام بين عرب يعيشون في الأوهام وعرب يتعاطون مع الواقع بكلّ تعقيداته. هذا الفضاء المغربي الفريد من نوعه، الذي باتت أصيلة جزءاً لا يتجزّأ منه، جزء من الجهود التي بذلها الملك محمّد السادس منذ اعتلائه العرش في العام 1999.
يوجد ملك في خدمة بلده وشعبه من خلال اطلاعه على كل صغيرة وكبيرة في المملكة ذات التاريخ العريق وتركيزه على كيفية جعل كلّ مغربي يشعر بالأمان والطمأنينة.
وراء موسم أصيلة فريق عمل متكامل. هذا الفريق نذر نفسه من أجل جعل تلك المدينة الصغيرة الواقعة على المحيط الأطلسي، في مكان غير بعيد عن طنجة، نقطة اشعاع فيها تمازج بين السياسة والثقافة والفن باشكاله المختلفة من موسيقى ورسم وغير ذلك.
باتت ثقافة أصيلة تجمع بين السياسة والثقافة والفنون بفضل رجل اسمه محمّد بن عيسى، عمدة المدينة وقبل ذلك وزير الخارجية المغربيّة ووزير الثقافة والسفير في واشنطن.
تسأل محمّد بن عيسى كيف يفسّر نجاح موسم أصيلة واستمراريته فيحدثك عن توجه عماده الحرّية بصفة كونها «سماد الإبداع وتنمية الإنسان».
يقول بن عيسى: «كان يحدونا دائماً الاهتمام بالمستقبل. لا يمكن إحداث أي توجّه مستقبلي من دون اعتماد هذا التوجه المبني على الحرّية وعلى الاعتراف بالواقع».
تسأله عن الاهتمام القديم لموسم أصيلة بأفريقيا وموضوع الصحراء الكبرى يجيب: «نحاول أن نشاهد المستقبل من خلال ما يجري. الربط يأتي في الحقيقة من ضرورة التعاطي مع الواقع كون ثلثي العرب في أفريقيا (مصر، السودان، المغرب، الجزائر، تونس، ليبيا، موريتانيا).
في الوقت ذاته، يسكن العرب ثلث التراب الأفريقي. ليس هناك للأسف هذا الاهتمام بالعمق الأفريقي عربياً. إنّي ألح على هذا البعد الأفريقي عربياً وأشدّد عليه».
في النهاية، وحسب قول بن عيسى إن «الخارطة العالمية تغيرت نوعياً في الآونة الأخيرة، كما أن الموازين الجيوسياسية تبدلت، وقواعد النظام الدولي لم تعد كما كانت. من هنا، لا بد من مراعاة هذه المستجدات في أي تفكير معمق وجدّي. هناك حاجة إلى تسليط الأضواء الكاشفة على هذه المعادلة، في اتجاهاتها ورهاناتها وآفاقها المستقبلية، بشكل يوفر رؤية واضحة وفهماً رصيناً للمعادلة الجيوسياسية العالمية بتأثيراتها الإقليمية، تلمساً للمسلك الناجع لاستعادة العرب زمام المبادرة الإستراتيجية في سياق دولي متغير. المطلوب منا هو نبذ الأحكام المتسرعة، والتفسيرات التبسيطية من أجل المساهمة الفاعلة في الحوار الجدي المطروح في ما يخصّ آفاق المستقبل العربي، وهو المستقبل الذي نصبو إلى أن يكون واعداً ومشرقاً».
كان موسم هذه السنة على وقع حرب غزّة. كان فرصة للتأكّد من وجود مجموعة كبيرة من العرب ترفض التصالح مع الواقع القائم. لذلك، وُجد في أصيلة من يريد تجاهل كلّياً الدور الذي باتت إيران تلعبه على الصعيد الإقليمي، بما في ذلك أنّ قرار السلم والحرب في الشرق الأوسط صار في يد «الجمهوريّة الإسلاميّة».
أثار طرحي المتعلّق بوجود نظام إقليمي جديد تتحكّم به إيران اعتراضات كثيرة. هناك عدد لا بأس به من المشاركين في أصيلة يرفض الاعتراف بأنّ المنطقة الممتدة من المحيط الأطلسي إلى الخليج العربي تغيّرت كلياً.
لم تتغيّر بسبب الوجود الإيراني فحسب، بل تغيّرت أيضاً في ضوء التغييرات التي طرأت على دول معيّنة بات مستقبلها في مهب الريح. من يستطيع التكهن بما ستكون عليه سورية مستقبلاً؟ كذلك الأمر بالنسبة إلى العراق ولبنان واليمن.
لنضع إيران وتدخلاتها وميليشياتها جانباً، من يستطيع إعطاء فكرة عن مستقبل السودان وكيف ستستقر عليه الأمور في ليبيا في يوم من الأيّام؟
من المشاهد المضحكة - المبكية في أصيلة، وجود مَن يتحدّث عن عالم عربي لم يتغيّر وأنّ على الدول العربيّة التعاطي مع حرب غزّة والمأساة التي يتعرّض لها الفلسطينيون، كما كانوا يفعلون في الماضي. أي عن طريق عقد قمّة عربيّة، على سبيل المثال.
ثمّة، بين العرب، من يرفض أن يأخذ في الاعتبار أن ما يدور في غزة وما هو أبعد من غزّة يأتي في ضوء حرب افتعلتها «حماس» وردّ الفعل الإسرائيلي الذي يتسم بالوحشية في عالم تغيّر في العمق تغيّراً كلّياً.
إنّه عالم تعتبر فيه كلّ دولة أوروبيّة نفسها مهددة بعد الحرب التي شنها فلاديمير بوتين على أوكرانيا واحتلاله جزءاً من أرضها.
يمتلك موسم أصيلة قدرة على جعل المرء ينظر إلى التغيّرات التي يشهدها العالم من بعيد، نسبياً، من أرض تنعم بالاستقرار والحرّية. في الواقع، يسمح الموسم بالربط بين الأحداث، خصوصاً أن حرب غزّة التي ستغيّر الشرق الأوسط كلّه، بما في ذلك إسرائيل نفسها، ما كانت لتبدأ لولا وجود نظام إقليمي جديد.
مثل هذا النظام الإقليمي الجديد بدأ يتكوّن مع قيام نظام «الجمهوريّة الإسلاميّة» في إيران في 1979. انطلق مجدداً في العام 2003 مع تسليم أميركا، العراق على صحن من فضّة إلى إيران... وصولاً إلى حرب غزّة بكلّ تعقيداتها.
تسمح أصيلة بهدوئها بالتفكير في المستقبل وما إذا كان لهذا النظام الإقليمي الجديد أمل في أن يستمرّ طويلاً... أم أنّه مجرّد مرحلة انتقالية يمرّ فيها عالم عربي تحوّل إلى عوالم عدّة في انتظار تحقّق الفكرة التي يدعو موسم أصيلة إلى عدم تفويتها.

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أصيلة تصالح المرء مع الواقع أصيلة تصالح المرء مع الواقع



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 12:14 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالإرهاق وكل ما تفعله سيكون تحت الأضواء

GMT 16:13 2016 الخميس ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

الأطواق الضيقة تسيطر على عالم موضة 2017

GMT 16:14 2017 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

محمد صلاح يوقع عقود انتقاله إلى "ليفربول" الإنجليزي

GMT 00:32 2017 الإثنين ,09 تشرين الأول / أكتوبر

مقتل وإصابة خمسة أشخاص في سقوط شجرة ماهوجني بماليزيا

GMT 19:22 2016 الجمعة ,15 كانون الثاني / يناير

ثعبان الـ"مامبا" السام يُثير ذعر سكان لندن

GMT 07:15 2016 الإثنين ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

فستان نسرين طافش الأبيض يشعل مواقع التواصل الاجتماعي

GMT 23:20 2017 الإثنين ,20 شباط / فبراير

عوض خميس نصراوي لـ 3 سنوات رسميًأ

GMT 00:22 2017 الإثنين ,08 أيار / مايو

حسام حسن يؤكد رفضه لـ7 عروض من أجل الجماهير

GMT 02:36 2017 الإثنين ,11 أيلول / سبتمبر

نادٍ أردني يُحقق حلم طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة

GMT 04:55 2016 الثلاثاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

ملايين النساء يعانين من تراجع الرغبة الجنسية بعد سن الـ50
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab