بورقيبة إلى جمهورية ثانية خارج السرب
المحكمة الجنائية الدولية تعتبر عقد جلسات الاستماع لنتنياهو أو بوتين في غيابهم ممكناً إنفانتينو يسلم ترمب جائزة فيفا للسلام قبل قرعة المونديال الاتحاد الأوروبي يفرض غرامة 120 مليون يورو على «إكس» لمخالفته قانون الخدمات الرقمية حماس تتهم الإحتلال الإسرائيلي بقتل ثلاثة أسرى وتطالب بتحرك دولي عاجل لكشف مصير المختفين ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات داخل السجون إرتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 70ألفاً و125 شهيداً أغلبيتهم من الأطفال والنساء منذ بدء عدوان الاحتلال الإسرائيلي في السابع من أكتوبر 2023 رئيس الاتحاد الكويتي للإنتاج الفني يُعلن أن صحة حياة الفهد غير مستقرة إسرائيل تقتل مئات التماسيح في مزرعة بالأغوار خشية استخدامها في هجوم تخريبي وسائل إعلام إسرائيلية تؤكد مقتل ياسر أبو شباب في رفح السلطات اليونانية تعلن حالة تأهب قصوى مع منخفض بايرون وتسع مناطق بما فيها أثينا تتابع الوضع ضربة إسرائيلية بطائرة مسيرة واشتباكات واسعة في ريف دمشق تتسبب في قتلى وجرحى وتصعيد ميداني
أخر الأخبار

بورقيبة إلى جمهورية ثانية... خارج السرب

بورقيبة إلى جمهورية ثانية... خارج السرب

 السعودية اليوم -

بورقيبة إلى جمهورية ثانية خارج السرب

جورج سمعان

الرسالة واضحة لا تحتاج إلى شرح. اختار التونسيون العودة إلى الوضع السابق. العودة إلى العهد البورقيبي. ولكن ليس بلا شروط: لا يريدون إعادة إحياء الدولة البوليسية التي كانت أيام الحزب الواحد، أيام «المجاهد الأكبر» ثم أيام خلفه زين العابدين بن علي. تبدو شبه مستحيلة في ظل الدستور الجديد. ولهم الحق في أن يحذروا من هذه العودة. فالرئيس المنتخب الباجي قائد السبسي كان مدير الأمن الوطني مطلع الستينات من القرن الماضي، ثم وزيراً للداخلية في أواخرها. وفي هذه الفترة قرر الحزب الاشتراكي الدستوري إلغاء التعددية الحزبية ليوحد كل القوى تحت راية بورقيبة. فغادر الرجل الصفوف لينضوي تحت راية الداعين إلى الليبرالية والتعددية. وعاد ثانية بعد 1980 مع محمد مزالي الذي سعى إلى الانفتاح السياسي، قبل أن يطيح بن علي بسيد القصر في انقلاب أبيض.

«الربيع العربي» انطلق من تونس إلى المنطقة، إلى ليبيا ومصر واليمن فسورية. لكنه لم يثمر سوى في ساحاتها. اختيار رجل من الحقبتين الماضيتين لقيادة البلاد لا يعني بالضرورة إعادة احياء النظام القديم الذي ورث الاستعمارالفرنسي، كأن شيئاً لم يتغير. بين المآلات التي انتهى إليها «الربيع» في دول أخرى اختار التونسيون صيغة وسطى برهنت عن نضج سياسي وعن عزيمة لا ترضخ. أثبتوا تمسكهم بمفاهيم الديموقراطية وتداول الحكم. لم يتنكروا لقيم العلمانية التي تشربـــــوها سنوات طـــــويلة بعد الاستقلال، من خلال برامــــج التعليم والقوانين التي رسخت قيم الحداثة. ومــــن خلال انتشار التعليم بكل مراحله وقيام نقابات واتحادات وطبقة وسطى ساعدت في نموها مرحلة الانتعاش الاقتصادي التي عاشتها البلاد في عقدي الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي. ظلوا أوفياء لمتطلبات العصر وأهمية التلاقح الحضاري مع أوروبا.

فضل التونسيون ألا تقطع ثورتهم مع الأسس التي أرساها الحبيب بورقيبة لهياكل الدولة الحديثة، وما قدمته في المجالات الاجتماعية والتربوية والأسرية وحقوق المرأة... ولعل تجربة المرحلة الانتقالية كانت الدافع الأساس للتمسك بأهداب الدولة المدنية بدل الدخول في المجهول أو الفوضى التي تعم بلداناً لم تغادرها «العــــاصفة» التي هبـــت على العالم العربي. بل زادتها فوضى وتدميراً وتفكيكاً. والذين يأخــذون عليــهم اختـــيارهم رجلاً مسناً يتناسون أن النظام الشمولي والبوليسي الذي أقامه زين العابدين بن علي لم يسمح ببروز قيادات شابة. بل قضى على كل مظاهرالحياة السياسية، وطارد الكوادر والكيانات الثقافية والحزبية بالسجن والنفي والترهيب والملاحقة. فضّل التونسيون إحياء «قديمهم» بدل الاقامة تحت مظـــلة «الترويكا» التي لم تقدم شيئاً سوى كونها غطاء لحكم «النهضة» التي لم تجد مفراً من تحالف ثلاثي لعله يخفف عنها عبء مواجهتها الليبراليين واليسار وهيئات المجتمع المدني والنقابات. ويقـــيها نار السلفيين الذين لم يتأخروا في اللجوء إلى العنف وسياسة الاغتيالات وتهديد السلم والاستقرار الأهليين، وغالوا تالياً في إحراجها.

لذلك كان طبيعياً أن يفضل التونسيون الباجي قائد السبسي على خصمه المنصف المرزوقي. ينظرون إلى الرئيس المنتخب كرجل دولة بخلاف خصمه الذي ما كان ليصل إلى الموقع الأول في المرحلة الانتقالية لولا حاجة «النهضة» إلى تحالف يمنحها الأكثرية للحكم وإدارة دفة البلاد. وتولت رئاسة الوزراء التي باتت، بعد إقرار الدستور الجديد، تتمتع بصلاحيات واسعة في صيغة دمجت بين النظامين البرلماني والرئاسي. وهي في المرحلة الثانية من المعركة الانتخابية التزمت الحياد علناً، بينما توجه فريق كبير من قاعدتها نحو تأييد المرزوقي. ويحاول الأخير الإفادة القصوى من مئات آلاف الأصوات التي نالها. وقد دعا إلى تيار أطلق عليه اسم «حراك تيار شعب المواطنين». وهو ما أثار عليه حملة انتقادات تحذر من انعكاس طموحاته وشغفه بالسلطة على الأمن والاستقرار في البلاد. وتخشى الحركة مزيداً من التفكك في صفوفها إذا نجح حليفها بالأمس في استقطاب الغاضبين من سياساتها، فضلاً عن متشددين طالما اتهم الرجل بمحاباتهم.

بالطبع لا يمكن الرئيس الجديد أن يستعيد زمن الدولة البوليسية أو زمن الحزب الواحد. لا يمكنه القفز فوق الدستور الجديد الذي انتخب على أساسه. لكنه سيفيد بالتأكيد من نفوذ حركته «نداء تونس» التي حصدت أيضاً رئاستي مجلس النواب ورئاستي الحكومة. وهو أعلن أن الحكومة الجديدة ستكون حكومة جامعة. ولاقته الحركة في منتصف الطريق ونالت موقع النائب الأول في مجلس نواب الشعب. وهي تستعد لنيل حصتها في الوزارة الجديدة. والواقع أن «النهضة» نهجت منذ سقوط نظام بن علي سياسة براغماتية واضحة بعدما وجدت نفسها عاجزة عن الحكم وحيدة على رغم أنها كانت الكتلة الأكبر في المجلس التأسيسي. وراعت مخاوف شرائح واسعة من المجتمع التونسي، بـــقدر ما خشيت أن تضع نفسها في مواجهة شاملة مع هذه الشرائح، كما فعل «أخوان» مصر مثلاً. وأحسنت في السنتين الماضيتين قراءة اتجاه الرياح الإقليمية والدولية. قرأت ما حدث في مصر وما يحدث في ليبيا. وقرأت معاني الرسائل التي وجهها أكثر من بلد عربي إلى «الإخوان» الذين أدرجتهم المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة على لوائح الإرهـــاب. فــضلاً عن أن زعــيم الحركة راشد الغنوشي الذي أمضى جل سنواتـــه في بريــطانيا وأوروبا يدرك أهمية مفهوم تداول الســـلطة والقبول بحكم صناديق الاقتراع ليكون مقبولاً في إطار اللعبة الـــدولية. وســيكون على الرئيس الجديد أن يخفف من تشدد القوى اليسارية المحيطة به ويضبط رغبة بعضها في الانتقام من الإسلاميين والحركة خصوصاً.

في ضوء ذلك يمكن القول إن تونس اجتازت امتحاناً كبيراً. ومارست خطوة ديموقراطية لا يقلل من أهميتها وجذريتها اختيار الغالبية رمزاً من الحقبة البورقيبية. لكن عودة البلاد إلى سنوات الاستقرار والازدهار الاقتصادي والنمو السريع تستدعي وقتاً. لا شك في أن خيار التونسيين سيفرض تبدلاً جوهرياً في السياسة الخارجية لبلادهم. ستعود إلى صف الدول المحافظة. أي أن الموقف من ليبيا ومصر وسورية والعلاقة مع دول الخليج العربي ستتبدل جذرياً. لم يخف الرئيس الجديد أنه ساهم في تمرير السلاح إلى المعارضة الليبية عندما اندلع الحراك ضد «الجماهيرية» وكان وقتها رئيساً للحكومة الانتقالية بعد إطاحة بن علي. قد يرغب في التدخل في شؤون جارته ضد الميليشيات. لكن مثل هذا التدخل سيكون محفوفاً بالمخاطر في بلاده التي تستضيف مئات الآلاف من اللاجئين الليبيين. كما أن معاناة التونسيين لم تتوقف بسبب تسرب السلاح الليبي والإرهابيين إلى حدودهم الشرقية. سيكون التعامل مع طرابلس دقيقياً وحساساً. لكن موقف السبسي لن يكون مختلفاً كثيراً عن موقف القاهرة... وسيبدل الموقف من أزمة سورية. وكان أعلن أنه سيفتح مكتباً في دمشق. وهنا قد لا يختلف موقفه عن موقف الرئيس عبد الفتاح السيسي من هذه الأزمة وكثير من القضايا غيرها، وعلى رأسها العلاقة مع قطر ومع دول مجلس التعاون ليكون أقرب إلى مواقف المجلس.

ما يبدو يسيراً في السياسة لن يكون سهلاً لتحريك عجلة الاقتصاد. خيار العودة إلى رمز من رموز المرحلة الماضية ربما يشي بالحنين إلى استعادة الطفرة التي كانت في بدايات عهد بن علي. لكن الظروف مختلفة تماماً اليوم. في العقدين الأخيرين من القرن الماضي ارتبطت تونس باقتصاد السوق ومتطلباتها. وتحولت إلى حد ما جزءاً من اقتصادات دول شمال المتوسط، على صعيد السياحية والصناعات الأخرى. وأفادت أيضاً من أزمات جيرانها. من الحرب الأهلية التي أنهكت الجزائر طوال عقد التسعينات. ومن الحصار الذي تعرضت له جماهيرية العقيد معمر القذافي لأكثر من عشر سنين إثر إسقاط طائرة «بان أميركان» فوق لوكربي. الحال اليوم مختلفة كلياً. الوضع الاقتصادي للبلاد لا يمكن فصله عن المتاعب التي تعانيها دول الاتحاد الأوروبي، نتيجة تداعيات الأزمة الاقتصادية من أواخر عام 2008.

ولعل أخطر ما ستواجهه تونس في المرحلة المقبلة ليس الأوضاع الاقتصادية فحسب بل مسائل الإرهاب. فالمعروف أن أعداداً كبيرة من الشباب التحقت بالجهاديين الذين يقاتلون تحت علم «داعش» أو «النصرة» في كل من العراق وسورية. كما أن السلفيين الجهاديين في البلاد لن يكفوا عن محاولات ضرب الاستقرار. بل قد تزداد شهيتهم بعد هزيمة المرزوقي الذي أخذ عليه بعض التونسيين مهادنته لهم. ولا شك في أن عدم الاطمئنان إلى المستقبل واهتزاز حبل الأمن لا يشجعان على استعادة النشاط السياحي وحركة الاستثمار الخارجي والداخلي في هذه الصناعة التي تشكل رافداً أساسياً للدخل القومي. كما أن قوانين الهجرة في أوروبا وتباطؤ النمو في القارة العجوز يقلص فرص العمل أمام المهاجرين من شمال أفريقيا عموماً.

حزب «نداء تونس» بدأ حملته الانتخابية الرئاسية من أمام ضريح بورقيبة. فهل كانت هذه وقفة وداعية نهائية لرجل لم يتح للتونسيين وداعه كما يليق، أم أنها تأكيد لعهد يصلح منطلقاً إلى الجمهورية الثانية بدستورها الجديد المنزه من شوائب الماضي؟ المهم أن تونس تستعد لربيع خامس وسادس، فهي أثبتت منذ قيام ثورتها مجتمعاً وأحزاباً وقوى مدنية وإسلامية وعسكراً، أنها غردت وتغرد خارج السرب!

arabstoday

GMT 14:39 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

تركيا والقبعات المتعددة

GMT 14:35 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

الطبع فيه غالب

GMT 14:33 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

خطورة ترامب على أوروبا

GMT 14:30 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

تركيز إسرائيل على طبطبائي… لم يكن صدفة

GMT 14:28 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل سوريا بين إسرائيل… وأميركا وتركيا

GMT 14:26 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

توسعة الميكانيزم... هل تجنّب لبنان التصعيد؟

GMT 14:23 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

اصنعوا المال لا الحرب

GMT 14:21 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

إعلان الصُّخير... مِن «دار سَمْحين الوِجِيه الكِرامِ»

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بورقيبة إلى جمهورية ثانية خارج السرب بورقيبة إلى جمهورية ثانية خارج السرب



أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ السعودية اليوم

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 11:41 2021 الأربعاء ,03 شباط / فبراير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 21:54 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

انقطاع الهاتف والإنترنت في كوبا لمدة 90 دقيقة

GMT 21:55 2021 الأربعاء ,03 شباط / فبراير

مجموعة من آخر صيحات الموضة في دهانات الشقق

GMT 08:30 2023 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

مجلس الوزراء السعودي يقر ميزانية الدولة لعام 2024

GMT 12:10 2023 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار للطاولات الجانبية التابعة للأسرة في غرف النوم

GMT 12:04 2021 الأحد ,17 كانون الثاني / يناير

قمة G7 ستعقد في إنجلترا خلال 11 - 13 يونيو

GMT 05:22 2020 الجمعة ,05 حزيران / يونيو

متابعة خسوف شبه ظل القمر افتراضيًا في مصر

GMT 04:53 2020 الأربعاء ,29 إبريل / نيسان

وزير الأوقاف المصري يكشف عن حقيقة فتح المساجد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon