نهر الاغتيالات
المحكمة الجنائية الدولية تعتبر عقد جلسات الاستماع لنتنياهو أو بوتين في غيابهم ممكناً إنفانتينو يسلم ترمب جائزة فيفا للسلام قبل قرعة المونديال الاتحاد الأوروبي يفرض غرامة 120 مليون يورو على «إكس» لمخالفته قانون الخدمات الرقمية حماس تتهم الإحتلال الإسرائيلي بقتل ثلاثة أسرى وتطالب بتحرك دولي عاجل لكشف مصير المختفين ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات داخل السجون إرتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 70ألفاً و125 شهيداً أغلبيتهم من الأطفال والنساء منذ بدء عدوان الاحتلال الإسرائيلي في السابع من أكتوبر 2023 رئيس الاتحاد الكويتي للإنتاج الفني يُعلن أن صحة حياة الفهد غير مستقرة إسرائيل تقتل مئات التماسيح في مزرعة بالأغوار خشية استخدامها في هجوم تخريبي وسائل إعلام إسرائيلية تؤكد مقتل ياسر أبو شباب في رفح السلطات اليونانية تعلن حالة تأهب قصوى مع منخفض بايرون وتسع مناطق بما فيها أثينا تتابع الوضع ضربة إسرائيلية بطائرة مسيرة واشتباكات واسعة في ريف دمشق تتسبب في قتلى وجرحى وتصعيد ميداني
أخر الأخبار

نهر الاغتيالات

نهر الاغتيالات

 السعودية اليوم -

نهر الاغتيالات

بقلم - غسان شربل

 

فجر 11 أبريل (نيسان) 1973 عادَ الضابط إيهود باراك إلى منزله وبقايا أحمر الشفاه حاضرة على شفتيه. لعبَ الشيطان برأس زوجتِه. خشيت أن يكونَ الضابط الشاب سلك درب الخيانات. لكن الأخبار لن تتأخّر في تبديد مخاوفها. عاد مبللاً بما هو أخطر أي بالدم الفلسطيني. فقبل ساعات نزلت وحدة من الكوماندوس الإسرائيلي في بيروت واغتالت ثلاثة قياديين في حركة «فتح» هم أبو يوسف النجار وكمال عدوان وكمال ناصر. وخلال العملية المدوية أفرغ باراك، المتنكر في زي امرأة، طلقاتِ مسدسه الرشاش في جسد واحد من هؤلاء.

جاءت عملية «فردان» في سياق خطة رفعها جهاز الموساد إلى رئيسة الوزراء الإسرائيلية غولدا مائير، وأُطلق عليها عملية «غضب الرب»، وهي تهدف إلى قتل كل مَن له علاقة بالهجوم على الفريق الإسرائيلي الذي كانَ مشاركاً في دورة الألعاب الأولمبية في ميونيخ والتي اتُّهمت مجموعة «أيلول الأسود» بالوقوف وراءها. كانت العملية التي شارك فيها باراك شديدة الخطورة والبراعة لكنَّها كانت مجردَ نقطة في نهر الاغتيالات. ويقول الخبير الإسرائيلي رونين برغمان إنَّ الدولة العبرية نفذت نحو 2700 عملية اغتيال خلال 71 عاماً، أي بمعدل 38 عملية سنوياً. وها هو رئيس الموساد يطل قبل أسابيع معلناً أنَّ جهازه سيقتل كلَّ مَن له علاقة بعملية «طوفان الأقصى» التي شنَّتها «حماس» أينما كان موقعه ومهما استلزم الأمر من وقت. وجاءَ اغتيال صالح العاروري، قبل أيام في الضاحية الجنوبية في بيروت، تنفيذاً لهذا التهديد وهو ما شكَّل خروجاً خطراً عن «قواعد الاشتباك» التي سادت على الجبهة اللبنانية - الإسرائيلية بعد حرب 2006. وقد عوقب العاروري على دوره في «حماس» و«القسام» في الضفة والسجن وفي التنسيق مع «حزب الله» وسوريا وإيران في إطار «وحدة الساحات».

وتقضي القواعد المعمول بها في المؤسسة الإسرائيلية بأن يوافق رئيس الوزراء شخصياً على أي عملية اغتيال بارزة قد تكون لها عواقب سياسية وأمنية كبرى. ولهذا تحمل عمليات الاغتيال البارزة تواقيع رؤساء الوزراء المتعاقبين. وقد تحوَّلت الاغتيالات نهجاً ثابتاً في سياسة إسرائيل وهي شملت على مدار الأيام فلسطينيين ولبنانيين وسوريين وإيرانيين وآخرين من جنسيات أخرى، مستهدفة ليس فقط العسكريين بل أيضاً العلماء أو الخبراء المعنيين بالبرامج النووية وتطوير الصواريخ والمسيّرات. وفي سبيل تنفيذ الاغتيالات لم تتردد إسرائيل في توسيع مسرح العمليات، منتهكة سيادة الدول وقواعد القانون الدولي في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا.

تضاعفَ اهتمامي بنهر الاغتيالات بعد حوار أجريته في 1995 مع مؤسس حركة «الجهاد الإسلامي» في فلسطين الدكتور فتحي الشقاقي، الذي جاءَ من عباءة «الإخوان» مع تعاطف واضح مع ثورة الخميني. دخلت مكتبه في دمشق فسارع إلى ممازحتي قائلاً: «أنا لا تسألني عن الذكريات. لا يزال لديَّ كثير من العمل لأنجزه». استوقفتني في حديثه عبارات من نوع «عشت أكثر مما تصورت» و«حارس العمر الأجل». وكان طبيعياً أن يصدر مثل هذا الكلام عن شاب في الأربعينات. في تلك السنة نفذت «الجهاد الإسلامي» عملية «استشهادية مزدوجة» قرب تل أبيب أدَّت إلى مقتل عشرين عسكرياً إسرائيلياً. هدَّد رئيس الوزراء إسحق رابين بأنَّ الحدودَ لن تقف عائقاً أمام مطاردة من سماهم «الإرهابيين». نفَّذ رابين تهديده ونجح الموساد في اغتيال «الليبي» إبراهيم الشاويش خلال مروره في مالطا عائداً من ليبيا. ولم يكن الشاويش إلا فتحي الشقاقي الذي كتم اسمه المستعار حتى عن زوجته.

تدفَّق نهر الاغتيالات في أكثر من اتجاه. اغتالت إسرائيل خليل الوزير (أبو جهاد) عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» عقاباً له على عمليات جريئة، خصوصاً على دوره في إشعال الانتفاضة الفلسطينية الأولى. اغتالت أيضاً أبو علي مصطفى الأمين العام لـ«الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» في سياق أسلوب ما سمَّاه بعض ضباط الموساد «قطع رأس الأفعى». اغتالت إسرائيل أيضاً أحمد ياسين مؤسس «حماس» وخليفته عبد العزيز الرنتيسي وعدداً من جنرالات كتائب «عز الدين القسام». كما اغتالت إسرائيل الأمين العام لـ«حزب الله» اللبناني عباس الموسوي، واغتالت لاحقاً في دمشق عماد مغنية أحد أبرز القادة العسكريين في الحزب.

لا يتَّسع المجال هنا لسرد أبرز المحطات في نهر الاغتيالات. حملت الاغتيالات تواقيع غولدا مائير وإسحق رابين ومناحم بيغن وإسحق شامير وإيهود أولمرت وإرييل شارون وغيرهم. توهَّمت الحكومات الإسرائيلية أنَّ سياسة قطع الرؤوس ستكسر إرادة المطالبين بحقوقهم. واضح أنَّ هذه السياسة كانت خطرة وقصيرة النظر. والدليل ما يحدث الآن في غزة. لم تأخذ سياسة الاغتيالات أيضاً في الاعتبار حجم التغييرات التي طرأت في المنطقة، خصوصاً بعد الغزو الأميركي للعراق.

كانت سياسة الاغتيالات مروعة فعلاً. لكنَّ أخطر محطاتها في اعتقادي هو الإصرار على اغتيال فكرة السَّلام نفسها. قتل الشريك ثم التذرع بعدم وجودِ شريك. في هذا السياق بدا بنيامين نتنياهو أستاذاً في الاغتيالات. فاقت خطورة ضرباته «إنجازات» أسلافه. وهكذا شهدنا عمليات اغتيال هائلة بينها اغتيال المناخ الذي أطلقه «اتفاق أوسلو» بعد مصافحة ياسر عرفات وإسحق رابين. لم يكن الاتفاق المذكور نموذجياً لكنَّه فتح باب الأمل بالتقدم نحو حل لا بدَّ أن يسمحَ للفلسطينيين ببناء دولتهم المستقلة والانتهاء من رحلة التيه والخيام والدم.

اغتالت سياسة نتنياهو، وبمساهمة من شارون أيضاً، الأرضَ الفلسطينية بالمستوطنات. حطَّمت المؤسسات الهشة للسلطة الفلسطينية. حاصرت محمود عباس بعدما حاصرت عرفات. اغتالت أيضاً الفرصة التي شكَّلها إطلاق مبادرة السَّلام العربية في القمة التي عُقدت في بيروت. حكومة نتنياهو الأخيرة كانت حكومة اغتيال آخر فرص السلام. حكومة متطرفين تشبه العبوة الناسفة. وها هي الحكومة تردّ على «طوفان الأقصى» باغتيال غزة وسكانها. اغتيال البيوت والمستشفيات والصحافيين والمدارس والخيام. نهر من الدم وغابة من الخيام.

يجول أنتوني بلينكن في المنطقة رافعاً شعار منع الانهيار الكبير المتمثل بالحرب الإقليمية. يحاول ضبط «الحروب الموازية» التي اندلعت في المنطقة على ضفاف حرب غزة. لا حلَّ غير منع حكومة نتنياهو من متابعة اغتيال «حل الدولتين» بدءاً من منع استكمال اغتيال غزة. التهاون في هذه المسألة يعني إبقاء الشرق الأوسط غابةَ اغتيالات وعبوات وطوفانات. لا بدَّ من وقف نهر الاغتيالات. أظهرت التجارب الطويلة أنَّ قتل حامل الحلم لا يقتل الحلم، بل يجدده.

arabstoday

GMT 14:39 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

تركيا والقبعات المتعددة

GMT 14:35 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

الطبع فيه غالب

GMT 14:33 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

خطورة ترامب على أوروبا

GMT 14:30 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

تركيز إسرائيل على طبطبائي… لم يكن صدفة

GMT 14:28 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل سوريا بين إسرائيل… وأميركا وتركيا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نهر الاغتيالات نهر الاغتيالات



أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ السعودية اليوم

GMT 16:53 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

تقرير يكشف أن"غروك" يشارك معلومات حساسة لأشخاص عاديين
 السعودية اليوم - تقرير يكشف أن"غروك" يشارك معلومات حساسة لأشخاص عاديين

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 11:41 2021 الأربعاء ,03 شباط / فبراير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 21:54 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

انقطاع الهاتف والإنترنت في كوبا لمدة 90 دقيقة

GMT 21:55 2021 الأربعاء ,03 شباط / فبراير

مجموعة من آخر صيحات الموضة في دهانات الشقق

GMT 08:30 2023 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

مجلس الوزراء السعودي يقر ميزانية الدولة لعام 2024

GMT 12:10 2023 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار للطاولات الجانبية التابعة للأسرة في غرف النوم

GMT 12:04 2021 الأحد ,17 كانون الثاني / يناير

قمة G7 ستعقد في إنجلترا خلال 11 - 13 يونيو

GMT 05:22 2020 الجمعة ,05 حزيران / يونيو

متابعة خسوف شبه ظل القمر افتراضيًا في مصر

GMT 04:53 2020 الأربعاء ,29 إبريل / نيسان

وزير الأوقاف المصري يكشف عن حقيقة فتح المساجد

GMT 07:26 2019 الأحد ,02 حزيران / يونيو

تتقدم بخطى ثابتة

GMT 12:25 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

تحتل موقع مناسب خلال هذا الشهر

GMT 13:50 2019 الأربعاء ,20 شباط / فبراير

محمد عبد الشافي يغيب عن الأهلي في مباراة الفتح

GMT 09:26 2018 السبت ,22 كانون الأول / ديسمبر

الاقتصاد التركي يختتم 2018 بتراجع كبير لأهم محركاته
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon