ماذا بعد الخروج والتفويض

ماذا بعد الخروج والتفويض؟

ماذا بعد الخروج والتفويض؟

 السعودية اليوم -

ماذا بعد الخروج والتفويض

حسن نافعة

استجاب الشعب المصرى للدعوة التى وجهها إليه الفريق أول عبدالفتاح السيسى، وزير الدفاع، القائد العام للقوات المسلحة، وخرج إلى الشوارع والميادين بالملايين. وإن دل ذلك على شىء فإنما يدل على: 1- أن أغلبية واضحة من شعب مصر تعتقد أن جماعة الإخوان فشلت فى إدارة شؤون الدولة والمجتمع، كما تعتقد أن استمرار الدكتور محمد مرسى على رأس سلطة تنفيذية يديرها مكتب الإرشاد ينطوى على مخاطرة كبرى لا تستطيع البلاد تحمل عواقبها، وبالتالى لم يكن هناك من بديل للخروج من المأزق الراهن سوى سحب الثقة من الرئيس المنتخب وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة. 2- أن هذه الأغلبية تؤيد التدخل الذى قام به الجيش المصرى لحسم الصراع السياسى الراهن، وترى أن ما جرى يوم 3 يوليو يمثل انصياعاً لإرادة شعبية واضحة تجلت بأكثر من طريقة وفى أكثر من مناسبة، ولا تعتبره انحيازاً لطرف على حساب آخر، أو انقلاباً يستهدف استيلاء المؤسسة العسكرية على مقاليد السلطة. 4- أن هذه الأغلبية توافق ضمناً على خارطة الطريق المطروحة لإعادة بناء مؤسسات النظام السياسى على أسس جديدة تسمح بمشاركة شعبية أوسع. لكن هل حسم الشعب بهذا الخروج الكثيف أزمة مصر الراهنة وأصبح الطريق معبداً لتأسيس نظام ديمقراطى مكتمل الأركان؟ بالقطع لا. فهناك ثلاث إشكاليات يتعين على رموز المرحلة الانتقالية الجديدة حلها: الإشكالية الأولى: تتعلق بطريقة التعامل مع المعتصمين من أنصار الطرف الآخر، وما إذا كان فض هذا الاعتصام سيتم بالوسائل الأمنية العنيفة أم بوسائل سياسية سلمية تتضمن تسوية شاملة ومقبولة من جميع الأطراف. الإشكالية الثانية: صيغة العلاقة المستقبلية بين «ثورة تصحيح» يفترض أن تكون امتداداً طبيعياً للثورة الأم التى اندلعت فى 25 يناير، وبين «نظام قديم» ثار عليه الشعب، لكنه يعود الآن من جديد ليشارك فى أحداث 30 يونيو التى يعتبرها ثورة على الثورة. الإشكالية الثالثة: دور المؤسسة العسكرية فى إدارة المرحلة الانتقالية الجديدة التى يفترض أن تقوم بإعادة بناء النظام السياسى لمصر الجديدة وموقعها على خريطة هذا النظام فى المستقبل. وفيما يتعلق بالإشكالية الأولى، يبدو أن البعض أسرف كثيراً فى تفسير معنى «التفويض» الذى طلبه الفريق السيسى من الشعب. فنص التعبير الذى استخدمه السيسى فى كلمته يشير إلى أنه يريد تفويضاً لمواجهة «العنف والإرهاب المحتمل»، غير أن البعض يرى أن حقيقة ما يريده السيسى هى تفويض بفض اعتصام «رابعة العدوية» بالقوة، بل إن البعض الآخر ذهب إلى حد اعتباره «دعوة إلى حرب أهلية» أو إلى «إبادة جماعية» أو إلى «تصفية الجماعة ومحوها من الوجود». ورغم يقينى بأن السيسى لم يطلب تفويضاً بالقتل أو باللجوء إلى إجراءات استثنائية تنطوى على خروج على القانون، وإنما طلب تفويضاً بالتعامل الحاسم مع أى محاولة لاستخدام العنف والإرهاب، أيا كان الطرف الذى يقدم عليها، لإفشال أو لعرقلة تنفيذ خارطة الطريق المطروحة، إلا أن الدماء التى سالت غزيرة، خلال الساعات الأولى من فجر السبت، تثير لدى قلقاً مشروعاً، ويطرح تساؤلات جادة حول ما إذا كان قرار قد صدر بالفعل بفض الاعتصام فى ميدان رابعة العدوية بقوة السلاح، وأرجو ألا تتطور الأمور فى هذا الاتجاه وإلا ستفضى إلى مذبحة ستشكل، إن وقعت لا قدر الله، وصمة عار فى تاريخ كل من يتسبب فيها. أدرك أن جماعة الإخوان، بتكوينها الحالى وبتفكيرها الجامد والعقيم، أصبحت تشكل عقبة كأداء تحول دون تحقيق تحول ديمقراطى حقيقى فى مصر. فبعد ثبوت فشلها الفاضح فى إدارة شؤون الدولة والمجتمع، ها هى تصر على المكابرة وعلى قطع الطريق أمام المستقبل. وبدلاً من الاعتراف بأخطائها والقيام بمراجعة نقدية جسورة لسياساتها ومواقفها التى أوصلت مصر إلى مأزقها الراهن، ها هى تسعى بكل الوسائل المتاحة لديها لعرقلة خارطة الطريقة الجديدة، مستغلة فى ذلك ما تتمتع به من قدرة تنظيمية لاتزال تمكنها من التعبئة والحشد رغم انحسار التأييد الشعبى لها، وتصر على تحدى واستفزاز الجميع ودفع الأمور نحو حافة الهاوية. غير أن ذلك لا يعنى أن استخدام القوة المسلحة لتصفيتها أصبح الخيار الوحيد المتاح للتعامل معها. أما فيما يتعلق بالإشكالية الثانية، فأظن أنه يتعين على جميع الشرفاء فى هذا الوطن أن يعترفوا بحقيقة أصبحت واضحة كشمس النهار، وهى أن فلول النظام السابق بدأت تعود من جديد، وبقوة، إلى الساحة. صحيح أن الأخطاء التى ارتكبتها الجماعة هى التى أدت إلى خلط فى الأوراق، إلا أنه يتعين مع ذلك الانتباه إلى حقيقة مؤكدة، وهى أن هذه العودة تشكل خطراً على الثورة، وربما تهدد بتصفيتها. فقد بدأنا نستمع هذه الأيام إلى نغمة جديدة تحاول إظهار ما جرى فى 30 يونيو باعتباره «ثورة على الثورة» ويسعى البعض، بكل الوسائل المتاحة، لتشويه ثورة يناير الأم. وأخيراً ففيما يتعلق بالدور الذى تقوم به المؤسسة العسكرية فى المرحلة الراهنة أو الذى تسعى للقيام به فى المستقبل، أظن أنه موضوع يحتاج إلى معالجة تفصيلية لم يعد هناك متسع لها فى هذا المقال. لذا نكتفى اليوم بالقول إنه، وبعيدا عن شعارات رنانة لا تكف عن التغنى بالدور الوطنى للمؤسسة العسكرية المصرية، وهو ما لا يجب أن نشكك فيه إطلاقا، إلا أنه يتعين علينا فى الوقت نفسه أن نكون واعين للمخاطر التى قد تنطوى عليها إغراءات تدفع المؤسسة العسكرية المصرية نحو القيام بدور سياسى مباشر فى هذه المرحلة أو للدفع فى اتجاه تقنين وضع شبيه بوضع المؤسسة العسكرية فى تركيا قبل وصول أردوجان للسلطة. فكلاهما، أى الدور السياسى المباشر أو الدور المنقول عن التجربة التركية، يشكلان خطرا على مستقبل الديمقراطية فى مصر. لذا أتمنى أن يكون باستطاعة المؤسسة العسكرية المصرية أن تلعب دوراً داعماً لعملية التحول الديمقراطى بدلاً من أن تصبح عقبة فى طريقها، وأظن أن المرحلة الراهنة تسمح لها بلعب مثل هذا الدور تحديداً إن هى أحسنت استغلال الفرصة المتاحة أمامها الآن. وعلى أى حال فإن هذا الموضوع يحتاج إلى معالجة منفصلة، ربما فى مقال آخر.

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:03 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

حانت لحظة الرحيل

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

GMT 15:01 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

من غزو العراق... إلى حرب غزّة

GMT 15:00 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

عن رسالة بوريل ومستقبل أوروبا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ماذا بعد الخروج والتفويض ماذا بعد الخروج والتفويض



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 10:03 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الميزان 6 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 21:03 2018 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

عرض فيلم الرعب "الحفرة" للمرة الأولى على الفضائيات

GMT 15:02 2012 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

"ويسترن ديجيتال" تطلق قرصًا صلبًا بسعة 4 تيرابايت في الإمارات

GMT 00:56 2020 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

تحذير من شرب الشاي مباشرة بعد صب الماء المغلي عليه

GMT 19:07 2019 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلاق "ليلة مقتل الحاوي" في مركز الهالة الثقافي

GMT 16:32 2019 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

حارس مرمى نادى الزمالك محمود جنش يحتفل بالهالوين

GMT 14:20 2019 الإثنين ,25 شباط / فبراير

قصي الفوز يستقيل من رئاسة الاتحاد السعودي

GMT 01:00 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

مذيع تركي بارز يُعلن استقالته بعد تهديد من أردوغان

GMT 01:50 2018 الجمعة ,21 كانون الأول / ديسمبر

الرئيس الروسي بوتين يحوّل حلم فتاة كفيفة إلى واقع

GMT 07:52 2018 الأربعاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

فان ديك يؤكّد أن أندية أوروبا تخشى الصدام مع "ليفربول"

GMT 02:19 2018 الإثنين ,03 كانون الأول / ديسمبر

تطوير "شبكية عين" من خلايا جذعية داخل المختبر

GMT 14:20 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

آل الشيخ يُعلن تولي سامي الجابر 3 مناصب كبرى
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab