وجهان لعملة واحدة

وجهان لعملة واحدة

وجهان لعملة واحدة

 السعودية اليوم -

وجهان لعملة واحدة

عريب الرنتاوي
عريب الرنتاوي

حين ندعو المجتمعات العربية لاتخاذ مواقف صلبة ضد "تطبيع" حكوماتها مع إسرائيل، فإننا نفعل ذلك، من منطلقين اثنين، لا يقل أحدهما أهمية عن الآخر: الأول؛ من منطلق التضامن مع الشعب الفلسطيني والانتصار لقضيته، وسنظل نقول ذلك، برغم الأصوات النشاز التي تسخر هذه المقولة...والثاني؛ من منطلق الحرص على مستقبل المشروع الديمقراطي العربي، ذلك أن كثير من الحكومات العربية، تنظر لـ"التطبيع" مع إسرائيل، بوصفه "شبكة أمان" لها، برغم فسادها و "لا شرعيتها"، وإفلاسها التنموي والديمقراطي.
 
أنتم إذ تقاومون "التطبيع" مع إسرائيل، فإنما تمهدون طريق الإصلاح والتغيير في دولكم ومجتمعاتكم، خدمة لأجيالكم القادمة، وتنتصرون في الوقت ذاته، لأنبل قضية وأشجع شعب...والكفاح ضد "التطبيع" جزء لا ينفصل عن كفاحكم من أجل الحرية والكرامة وحقوق الانسان، إنهما "وجهان لعملة واحدة".
 
لماذا يلهث بعضنا للتطبيع مع إسرائيل؟...(1) لأنه "شرعيته منقوصة"، مستمدة من صناديق الرصاص وليس من صناديق الاقتراع...(2) لأنه يخشى المعارضة في بلاده، سيما إن وجد نفسه مرغماً على خوض غمار منافسة ديمقراطية سلمية معها في الشارع...(3) لأن لديه طموحات عابرة للحدود، دون أن تتوفر بلاده على مقومات "الدولة الإقليمية"، فيجد نفسه بحاجة لإسرائيل واستتباعاً للولايات المتحدة لحمايته فيما هو موشك على الانتقال من مغامرة إلى مقامرة...(4) لأن لديه مخاوف من جيرانه، عرباً وأعاجم على حد سواء، الأشقاء العرب الكبار والشقيقات الكبريات لطالما كانوا مصدر تهديد وإزعاج للدول العربية الصغيرة والأقل مساحة وسكاناً واقتداراً، والجوار الإقليمي، أتراك وإيرانيين، وربما أثيوبيين، هو جوار توسعي، محكوم بإرث "امبراطوري" بائد، يُراد إحياؤه من جديد.
 
ما الذي يتوخاه "المطبّعون العرب"، من إسرائيل بالإضافة لكونها طريقاً مختصراً نحو واشنطن وحمايتها؟...لم نسمع عن رغبة أي من هؤلاء في الاستفادة من التكنولوجيا الزراعية المتطورة في إسرائيل، ولا في ميادين "الهاي تيك" وأنظمة الردارات والتحكم والتوجيه المستخدمة في الطائرات والصواريخ والأقمار الاصطناعية، كما تفعل الهند مثلاً...تجارتهم مع إسرائيل تكاد تكون منصبة على "برمجيات التجسس والتعقب وانتهاك الخصوصية واختراق الهواتف والبريد الالكتروني وصفحات السوشيال ميديا"، لا شيء غير ذلك، طالما أن الأولوية هي لقمع الخصوم والمعارضين في الداخل، وضمان أمن الحاكم واستقرار النظام...شركات الأمن الإسرائيلية والمستشارون الأمنيون الإسرائيليون، هم الذين تفتح لهم الأبواب أولاً، وهم الأوْلى بالرعاية من قبل "المطبعين العرب".
 
ما هي مصلحة شعوبنا ومجتمعاتنا في "التطبيع" والحالة كهذه؟ ...ولماذا ينبري البعض منّا للدفاع عن هذا المسار الانحداري وتسويغه وتسويقه؟ ...بعضهم يصدر عن جهل، وأكثرهم يصدر على "ارتزاق"، نجد للفئة الأولى العذر، وننظر للفئة الثانية بوصفها جزءاً من المشكلة وليست جزءا من الحل.
 
قبل سنوات، وتحديداً في سنوات الركود والاستنقاع الطويلة التي سبقت ثورات "الربيع العربي" وانتفاضاته، كان زملاؤنا الأوروبيين يسخرون منا ونحن نتحدث عن دور إسرائيل والمشروع الصهيوني في إعاقة المشروع الديمقراطي العربي، مع أننا لم نكن نسقط مسؤوليتنا الذاتية عن هذه الإعاقة، ولطالما اتُّهمنا بأننا نجعل من إسرائيل شمّاعة نعلق عليها أخطاءنا وخطايانا...اليوم، جاء دورنا لنسخر منهم، ونحن نراقب سلوك إسرائيل ومن خلفها الولايات المتحدة، وبعض اليمين الأوروبي، وهم يحتضنون أنظمة الفساد والاستبداد، تحت شعارات طنانة، ظاهرها فيه الرحمة وباطنها فيه العذاب، من نوع: "السلام والتطبيع"، "حوار الأديان"، و"محاربة التطرف".

 

arabstoday

GMT 08:08 2023 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

الاستحواذ على الأندية الرياضية

GMT 13:43 2023 الجمعة ,22 أيلول / سبتمبر

الشرق الأوسط الجديد والتحديات!

GMT 15:35 2023 الخميس ,14 أيلول / سبتمبر

كشف أثري جديد في موقع العبلاء بالسعودية

GMT 15:51 2023 الأربعاء ,13 أيلول / سبتمبر

الممر الاقتصادي... و«الممر الآيديولوجي»

GMT 20:15 2021 الأحد ,21 شباط / فبراير

حزب الله والارتياب والتدويل

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وجهان لعملة واحدة وجهان لعملة واحدة



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 07:46 2021 الأربعاء ,03 شباط / فبراير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 06:47 2018 الثلاثاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

النفوذ الإقليمي في سوريا والانكفاء العربي

GMT 15:02 2021 الخميس ,28 كانون الثاني / يناير

هاتف Oppo A55 5G يصل ببطارية 5000 ميلي أمبير

GMT 20:41 2019 الإثنين ,11 آذار/ مارس

غرامة مالية كبيرة على الهلال بسبب الجماهير

GMT 11:18 2019 الإثنين ,04 آذار/ مارس

الاتحاد بلا جمهور في مواجهة الريان القطري

GMT 19:10 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تجنبي هذه الأخطاء عند وضع المكياج على الهالات السوداء

GMT 21:27 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

ماذا يعني حضور محمد بن سلمان قمة العشرين؟

GMT 12:27 2018 الأربعاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

عبد العزيز الجبرين يشارك في التدريبات الجماعية للنصر

GMT 20:19 2018 الثلاثاء ,07 آب / أغسطس

5 أطعمة غذائية لها تأثير وقائي ضد الأمراض

GMT 18:29 2017 السبت ,16 كانون الأول / ديسمبر

جامعة الملك عبدالعزيز تشارك في معرض جدة الدولي للكتاب

GMT 03:00 2017 الثلاثاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

شروق زكي تتأهل للدور النهائي في بطولة العالم للوشو كونغ فو

GMT 06:40 2015 الأربعاء ,25 آذار/ مارس

محمد هنيدي لا يستعجل إنجاز "عقلة الأصبع"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab