بقلم : محمد أمين
ذكرنى زميل عمل فى الوفد بمواقف لى كانت عظيمة، مع رؤساء الوفد.. وقال إنه شاهد على موقف محدد وحكاه لى ثم سألنى: هل تتذكر اعتصام الوفد ضد الإدارة؟.. الحقيقة تذكرت، لكنه فتح شهيتى للحكايات.. وكان يعلق على مقالات الوفد.. وقلت هل يعجبك وضع الحزب الآن؟.. فال لا.. سألته هل يعجبك موقف الجريدة من قضايا الرأى العام؟، قال لا.. قلت: فلماذا تشعر بالألم؟.. وحكيت حكاية تذكرتها.. كانت فى عهد فؤاد باشا سراج الدين!.
وكان الحال قد ضاق وليس عندنا مرتبات تكفى، وليس عندنا حوافز أو أرباح كالتى نسمع عنها فى الصحف الحكومية.. وليس عندنا لجنة نقابية ولا تأمين صحى.. وقررنا مجموعة من قيادات العمل أن نذهب بمطالبنا إلى فؤاد باشا.. وعلم الأستاذ جمال بدوى أننا حصلنا على موعد للمقابلة.. فطلبنى فى مكتبه وذهبت إليه فى الحال، وقام وأغلق مكتبه علينا، فى حركة ترهيب!.
كان الأستاذ جمال بدوى قد بدأ مسيرته الصحفية فى جريدة الأخبار، وشارك فى تأسيس مجلة «أكتوبر»،، وجريدة الاتحاد الإماراتية، وجاء إلى الوفد، وكان عصبيا وعنيفا عليه رحمة الله، لكنه يقدر الناس جيدا.. ويومها سألنى: عامل إيه؟ وإزى أولادك؟!.
استغربت من أسئلته وبدا على وجهى ذلك.. فدخل فى الموضوع قائلا: أنا سمعت أنك طالب تقابل فؤاد باشا.. عرفت الموضوع فقلت بثقة: هذه حقيقة.. فقال بهدوء: ليه؟.. فقلت: طلبات للزملاء.. فقال بتحدٍ: وهل تعتقد أن الباشا سيوافق؟.. قلت لن نخسر شيئا.. ولكن هل يضايقك أن نفعل ذلك؟ قال لا.. أى مكسب كويس.. كانت الفكرة أنهم لا يحبون أن يحدث احتكاك بين الباشا والصحفيين، ربما نحكى له أو نشكو من قيادات الصحيفة!.
اعتدل الأستاذ جمال فى قعدته: وقال: الباشا ليس سهلا.. وخرجت دون أن يثنينى عن اللقاء، ودون أن يكلفنى بشىء.. ولم أنقل ما حدث للزملاء كى لا يشعروا بالقلق.. وذهبنا إلى قصر الباشا وكانت بداية طيبة ودية، لأن اختيار البيت للقاء كان يبشر بمقابلة مثمرة.. كانت فكرة الباشا أن نلتقى فى البيت ووافقت.. لأنه خيرنى بين المقابلة فى البيت أو فى المكتب واخترت البيت، وحملنا إليه أضخم بوكيه ورد سبقنا إلى هناك، وأوصيت محل الورد أن يكون «بوكيه» لا يشبهه أى بوكيه فاعتدل مزاج الباشا!.
وبدأنا بالتحية، وشكرته أن أتاح لنا اللقاء، فقال: أنتم أولادى.. وشرحنا له الطلبات فوافق عليها جميعا.. وقال الوفد هو حزب العمال.. وقلت سوف أذيع الخبر على الزملاء.. وكتبت ورقة عريضة ووزعتها فى مداخل الحزب والصحيفة لأعرف رد فعل إدارة الجريدة.. كانت فرصة أن نتمتع بالتأمين الصحى ونحصل على الأرباح، وشعرنا بالسعادة ودبت الروح فى الجريدة!.
على أى حال لقد مارسنا السياسة والحق فى الاعتصام وتقديم العرائض.. ولم يمنعنا أحد.. فهل يتمتع الزملاء اليوم بحقهم فى الممارسة السياسية والإضراب والأرباح والتأمين الصحى؟.. سؤال لكل مرشح لرئاسة الوفد!.