عيون وآذان لم يبقَ غير السخرية

عيون وآذان (لم يبقَ غير السخرية)

عيون وآذان (لم يبقَ غير السخرية)

 السعودية اليوم -

عيون وآذان لم يبقَ غير السخرية

جهاد الخازن

قال لي إنه لا يستطيع أن يتكهن كيف سيكون شكل العالم العربي في المستقبل لأنه لم يعدْ يعرف شكله الحاضر. كنا مجموعة أصدقاء في أحد مقاهي بيروت بدأنا حديثاً جدياً عن الأوضاع العربية، والربيع المزعوم والفصول الثلاثة الأخرى، ثم وصلنا الى قناعة واحداً بعد الآخر هي أننا لم نتوقع ما حدث، ولا نعرف ما يحدث، ونجهل ما يخبئ لنا المستقبل، فانتقلنا من الخلفيات والمعطيات والحيثيات الى السخرية. رأى واحــد أن الســـياسة العربية هي تسخير المصلحة العامة لخدمة المصلحة الخاصة. ونصحنا آخر بألا نقلق إذا تحسنت الأوضاع في هذا البلد العربي أو ذاك، لأن الوضع الحسن لا يمكن أن يستمر في بلادنا. سمعت أن الربيع العربي ترك زميلاً يفكر في أن الثورات قامت، لأن الحكم في كل بلد عربي فاشل وغير منتج ولا يلبي حاجات الناس، وأثبت الثوّار صواب موقفهم والحكم الجديد أيضاً فاشل وغير منتج ولا يلبي حاجات الناس. والآن هناك ثورة على كل ثورة، وسيأتي حكم آخر من نوع ما سبق. شكا زملاء من تغطية الميديا العربية الأخبار، وقال صحافي إن الصحف تكذب على نفسها وعلى الناس، وتنقل الأخبار كما يتمنى كاتبها أن تكون لا كما هي. وقال آخر إن التلفزيون يعتقد أن شعوبنا جميعها من القاصرين، لذلك فهو يرى أن كل تلفزيون عربي تلفزيون أطفال. الأخوان شكوا من كل شيء. التعليم في بلادنا سيئ، ومَنْ لا يستطيع أن يعمل يعلِّم، ولكن مَنْ يعلِّم المعلمين... الأوضاع الاقتصادية في الأرض، ومع ذلك لا تزال البنوك تحاول سرقة الناس أو سرقة ما ليس موجوداً. وواحد قال إن المجرم في بلادنا رجل لا يملك رأس مال يكفي لتأسيس بنك. الأنظمة والشعوب سيئة وأسوأ والطرفان «يستاهل» أحدهما الآخر. هناك فساد هائل، وشرّ ما فيه أننا لم نحصل على حصة منه. الحاكم العربي اكتشف أخطاء كل مَنْ سبقوه وقرر ارتكاب أخطاء جديدة، والمواطن العربي إذا عرضت عليه مشكلة يختار حلاً يجعل المشكلة إثنتين. قال آخر إنه لو عُرِضَت على المواطن العربي مئة طريق للخروج من أزماته الحالية لاختار الطريق الوحيد المسدود من بينها. أحد الزملاء قال إنه قرر أن يعتزل العالم العربي، ويعيش ناسكاً على رأس جبل. وشعاره مُقتَبَس من قول سمعه: «لا تسِر ورائي لأنني لست مستعداً أن أقود. ولا تسِر أمامي لأنني لست مستعداً أن أتبع. ولا تسِر جنبي لأنني أفضِّل أن أُترَك وحدي». كنت خلال جلسة الأصدقاء أستمع من دون أن أتكلم، ثم انتبه واحد الى صمتي فاتهمني بأنني جاسوس أسجّل ما يقول الجلساء لأنقله الى مباحث أمن الدولة. قلت إنني ساكت لأنني مصاب بوسواس، أو ما نسمّيه في لبنان «سرساب»، وأخشى إذا تكلمت عن السلبيات، مع عدم وجود إيجابيات، أن يصيبني طرف منها. لم يبدُ أن الإخوان اقتنعوا بحجتي، فقلت إننا جميعاً نفعل ما نشكو منه والأنظمة لم تأتِ من فراغ، وإنما خرجت من هذه الشعوب، فهي نحن. إذا كان ما سبق صحيحاً، فإنني أقترح أن نزيد على الوصايا العشر وصية حادية عشرة، فبعد الوصية: لا تشتهِ إمرأة جارك، نزيد: إذا وقعت يا فصيح لا تصيح (مَثَل سعودي ينطبق على الجارة والحكومة). وعادت بي الذاكرة الى شيء من دراستي الأدب العربي في الجامعة هو: أهلك الرجال الأحمران، اللحم والخمر. وأهلك النساء الأصفران، الذهب والزعفران. والشاعر قال: الأبيضان أبردا عظامي / الماء والفتّ بلا إدام. أما الشاعر الآخر فقال: ولكنه يمضي في الحول كله / وما لي إلا الأبيضين شراب، والمقصود هنا شحم وشباب. أما ايليا أبو ماضي فقال: جعت والخبز وفير في وطابي / والسنا حولي وروحي في ضباب. الإخوان قالوا: دخيلَك، لِحَد هون وبسْ، السياسة العربية أهون من سيبويه صاحبك. هربنا منه في المدرسة، فتبعنا الى الجريدة.

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:03 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

حانت لحظة الرحيل

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

GMT 15:01 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

من غزو العراق... إلى حرب غزّة

GMT 15:00 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

عن رسالة بوريل ومستقبل أوروبا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عيون وآذان لم يبقَ غير السخرية عيون وآذان لم يبقَ غير السخرية



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 12:14 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالإرهاق وكل ما تفعله سيكون تحت الأضواء

GMT 16:13 2016 الخميس ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

الأطواق الضيقة تسيطر على عالم موضة 2017

GMT 16:14 2017 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

محمد صلاح يوقع عقود انتقاله إلى "ليفربول" الإنجليزي

GMT 00:32 2017 الإثنين ,09 تشرين الأول / أكتوبر

مقتل وإصابة خمسة أشخاص في سقوط شجرة ماهوجني بماليزيا

GMT 19:22 2016 الجمعة ,15 كانون الثاني / يناير

ثعبان الـ"مامبا" السام يُثير ذعر سكان لندن

GMT 07:15 2016 الإثنين ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

فستان نسرين طافش الأبيض يشعل مواقع التواصل الاجتماعي

GMT 23:20 2017 الإثنين ,20 شباط / فبراير

عوض خميس نصراوي لـ 3 سنوات رسميًأ

GMT 00:22 2017 الإثنين ,08 أيار / مايو

حسام حسن يؤكد رفضه لـ7 عروض من أجل الجماهير

GMT 02:36 2017 الإثنين ,11 أيلول / سبتمبر

نادٍ أردني يُحقق حلم طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab